أنشر هنا هذا المقال الذي تعرضت لموضوعه في السابق ("مسألة كرامة" و"العبثية منهجاً")، وهو ما يؤشر لوجود خللٍ أو ختلٍ في تفكير رؤوس الإدارة المعنية..
-----------------------------
بين رأي وآخر..
إنشاء كيان للعمال الأحرار..
بقلم: عبد الحميد جبريل..
....................................
من حق إدارة الشركة الليبية للحديد والصلب أن تقوم بتنظيم أوقات العمل وحركة الدخول والخروج من منافذ الموقع، فالغاية تبدو مشروعة جداً، لكن بالرغم من مشروعية هذه الغاية، فالوسيلة التي بدأت تستخدمها الإدارة لتحقيق هذا الغرض تبدو من التدابير السيئة،
التي تنتمي إلى حقبة الاستبداد التي كانت سائدة قبل ثورة 17 فبراير في الشركة ذاتها، والغاية تبرر الوسيلة مهما كانت الغاية مشروعة، لأنه من غير المنطقي استخدام القوة الجبرية أو الاستعانة بأناس آخرين من خارج الشركة ضد عمالها، حتى ولو كانوا من رجال الأمن العام، مع ما يصرف من أموال إضافية من خزينة الشركة وذلك من أجل تحقيق هذا المنع لخروج العمال أو دخولهم إلى الموقع أثناء ساعات الدوام أو حتى بعده.
لابد من الابتعاد عن سلبيات الماضي كمثل هذا السلوك، بعد أن تولد بين الجميع عامل الثقة، الذي بدأ ينمو بشكل متزايد بعد الثورة بين العمال من الرؤساء والمرؤوسين بالشركة، وقد تم التخلي عن الأساليب الإستبدادية التي كانت سائدة، والنتيجة التي وصلنا إليها بوجود هذه الثقة المتبادلة، أن الانتاج أخذ في التحسن المستمر حتى تخطى المستهدف وأن التصدير يواكب هذا الانتاج بصورة جيدة، وإذا ما تتبعنا خطاً بيانياً منذ فترةٍ تزيد عن سنة، وخلصنا إلى لغة الأرقام، سوف نجد أن مستوى الحضور والالتزام بالعمل في تصاعدٍ مستمر إلى الأحسن وليس إلى الأسوأ، نتيجةً لوجود هذه الثقة التي أضحت قاعدة يجب المحافظة عليها، كل ذلك يصب في مصلحة الشركة من عمال وإدارة، ويجب أن ندرك أن لكل قاعدةٍ شواذ، والشذوذ لا يقاس عليه، غير أنه في كلتا الحالتين لا يمكننا أن نجعل من البشر ملائكة، إلاَّ أن الخيار الذي جاء بعد الثورة هو الخيار الأفضل.
إن القرارات الأخيرة تنسف الثقة التي حلت بين الجميع، وتنعكس سلباً على مستوى الأداء للعمال داخل الشركة، وبالتالي تنعكس على مستوى الانتاج، لأن إدراك المتطلبات والجوانب المعنوية للعمال وتحسينها، لا يقل جديةً عن تحسين الأمور المادية أو المالية لهم، وكل ما نحتاجه هو وجوب أن يكون بعد النظر حاضراً عندما تتخذ القرارات خاصةً القرارات ذات العلاقة بشؤون العمال.
باستدعاء الماضي بسلبياته والتمسك بالوسائل الجبرية ضد العمال بالشركة، والقول بصحة هذه الإجراءات التي تتخذها إدارتها، فإن العمال سوف يكون لهم رأي مختلف، لعل أهمها الإصرار على البداية بالتصحيح من رأس الهرم، ولا نقصد هنا الالتزام بالقرار الأخير، من جانب رئيس وأعضاء لجنة الإدارة، بل نقصد ضرورة وجود من يمثل العمال تمثيلاً صحيحاً ضمن هذه اللجنة الإدارية التي تقود الشركة وهو ما لم يتوفر في هيكلتها ولم يحدث على الإطلاق، وقد يأتي من يرد على هذا القول، ويقول بأن الأعضاء الذين يمثلون العمال موجودين باللجنة، واختارتهم نقابة العمال بالشركة، فنرد على ذلك ونقول بأن النقابة الحالية لا تمثل جميع العمال، وأنها صنيعة إدارة الشركة نفسها، وذلك بتدخلها في عملية تمويل انتخابها وعدم استقلالية اللجنة المشرفة على تكوينها، ثمَّ نسبة الانتخابات التي جاءت بها والتي لم تزد عن 29 % ، وحتى لو سلمنا جدلاً بشرعية تمثيلها لكل عمال الشركة، فلا يحق لرئيس وأعضاء اللجنة الإدارية لهذه النقابة، تزكية أي اسم يمكن أن يمثل العمال في لجنة الإدارة، دون أن يختاره العمال بأنفسهم عبر صندوق الانتخاب، وهو ما لا يحق أيضاً لرئيس لجنة الإدارة، الذي قدمت له إدارة هذه النقابة قائمة تضم ثلاثين اسماً، لكي يختار منهم على هواه ما يشاء لاعتمادهم، وهي أول نتيجة من نتائج التدجين والاحتواء وصرف الأموال لأهدافٍ غير مشروعة، والأمر في مجمله قد تم فيه تزوير إرادة العمال، ولم يحدث مثله حتى في زمن المقبور مع الأسف، والاحترام الشديد لمن هم في النقابة الحالية ورئيس لجنة الإدارة والسادة الذين تم اعتمادهم نيابةً عن العمال في لجنة الإدارة بالشركة.
الآن وسط هذه الملابسات وتزوير الإرادة، تبدو الدعوة ملحة لتشكيل كيانٍ للعمال الأحرار داخل الشركة، للدفاع عن الحقوق بعيداً عن التدجين والاحتواء وبعيداً عن ابتكار وسائل الفساد والإفساد، وتكرار مظالم العهد الذي مضى، وذلك إلى حين إصدار قانون إعادة تنظيم النقابات الذي نطالب المؤتمر الوطني التسريع بإصداره.
-------------------------------------------------------------------------
صحيفة (الناس) العدد (15) الثلاثاء الموافق 2013/01/01م.
-----------------------------
بين رأي وآخر..
إنشاء كيان للعمال الأحرار..
بقلم: عبد الحميد جبريل..
....................................
من حق إدارة الشركة الليبية للحديد والصلب أن تقوم بتنظيم أوقات العمل وحركة الدخول والخروج من منافذ الموقع، فالغاية تبدو مشروعة جداً، لكن بالرغم من مشروعية هذه الغاية، فالوسيلة التي بدأت تستخدمها الإدارة لتحقيق هذا الغرض تبدو من التدابير السيئة،
التي تنتمي إلى حقبة الاستبداد التي كانت سائدة قبل ثورة 17 فبراير في الشركة ذاتها، والغاية تبرر الوسيلة مهما كانت الغاية مشروعة، لأنه من غير المنطقي استخدام القوة الجبرية أو الاستعانة بأناس آخرين من خارج الشركة ضد عمالها، حتى ولو كانوا من رجال الأمن العام، مع ما يصرف من أموال إضافية من خزينة الشركة وذلك من أجل تحقيق هذا المنع لخروج العمال أو دخولهم إلى الموقع أثناء ساعات الدوام أو حتى بعده.
لابد من الابتعاد عن سلبيات الماضي كمثل هذا السلوك، بعد أن تولد بين الجميع عامل الثقة، الذي بدأ ينمو بشكل متزايد بعد الثورة بين العمال من الرؤساء والمرؤوسين بالشركة، وقد تم التخلي عن الأساليب الإستبدادية التي كانت سائدة، والنتيجة التي وصلنا إليها بوجود هذه الثقة المتبادلة، أن الانتاج أخذ في التحسن المستمر حتى تخطى المستهدف وأن التصدير يواكب هذا الانتاج بصورة جيدة، وإذا ما تتبعنا خطاً بيانياً منذ فترةٍ تزيد عن سنة، وخلصنا إلى لغة الأرقام، سوف نجد أن مستوى الحضور والالتزام بالعمل في تصاعدٍ مستمر إلى الأحسن وليس إلى الأسوأ، نتيجةً لوجود هذه الثقة التي أضحت قاعدة يجب المحافظة عليها، كل ذلك يصب في مصلحة الشركة من عمال وإدارة، ويجب أن ندرك أن لكل قاعدةٍ شواذ، والشذوذ لا يقاس عليه، غير أنه في كلتا الحالتين لا يمكننا أن نجعل من البشر ملائكة، إلاَّ أن الخيار الذي جاء بعد الثورة هو الخيار الأفضل.
إن القرارات الأخيرة تنسف الثقة التي حلت بين الجميع، وتنعكس سلباً على مستوى الأداء للعمال داخل الشركة، وبالتالي تنعكس على مستوى الانتاج، لأن إدراك المتطلبات والجوانب المعنوية للعمال وتحسينها، لا يقل جديةً عن تحسين الأمور المادية أو المالية لهم، وكل ما نحتاجه هو وجوب أن يكون بعد النظر حاضراً عندما تتخذ القرارات خاصةً القرارات ذات العلاقة بشؤون العمال.
باستدعاء الماضي بسلبياته والتمسك بالوسائل الجبرية ضد العمال بالشركة، والقول بصحة هذه الإجراءات التي تتخذها إدارتها، فإن العمال سوف يكون لهم رأي مختلف، لعل أهمها الإصرار على البداية بالتصحيح من رأس الهرم، ولا نقصد هنا الالتزام بالقرار الأخير، من جانب رئيس وأعضاء لجنة الإدارة، بل نقصد ضرورة وجود من يمثل العمال تمثيلاً صحيحاً ضمن هذه اللجنة الإدارية التي تقود الشركة وهو ما لم يتوفر في هيكلتها ولم يحدث على الإطلاق، وقد يأتي من يرد على هذا القول، ويقول بأن الأعضاء الذين يمثلون العمال موجودين باللجنة، واختارتهم نقابة العمال بالشركة، فنرد على ذلك ونقول بأن النقابة الحالية لا تمثل جميع العمال، وأنها صنيعة إدارة الشركة نفسها، وذلك بتدخلها في عملية تمويل انتخابها وعدم استقلالية اللجنة المشرفة على تكوينها، ثمَّ نسبة الانتخابات التي جاءت بها والتي لم تزد عن 29 % ، وحتى لو سلمنا جدلاً بشرعية تمثيلها لكل عمال الشركة، فلا يحق لرئيس وأعضاء اللجنة الإدارية لهذه النقابة، تزكية أي اسم يمكن أن يمثل العمال في لجنة الإدارة، دون أن يختاره العمال بأنفسهم عبر صندوق الانتخاب، وهو ما لا يحق أيضاً لرئيس لجنة الإدارة، الذي قدمت له إدارة هذه النقابة قائمة تضم ثلاثين اسماً، لكي يختار منهم على هواه ما يشاء لاعتمادهم، وهي أول نتيجة من نتائج التدجين والاحتواء وصرف الأموال لأهدافٍ غير مشروعة، والأمر في مجمله قد تم فيه تزوير إرادة العمال، ولم يحدث مثله حتى في زمن المقبور مع الأسف، والاحترام الشديد لمن هم في النقابة الحالية ورئيس لجنة الإدارة والسادة الذين تم اعتمادهم نيابةً عن العمال في لجنة الإدارة بالشركة.
الآن وسط هذه الملابسات وتزوير الإرادة، تبدو الدعوة ملحة لتشكيل كيانٍ للعمال الأحرار داخل الشركة، للدفاع عن الحقوق بعيداً عن التدجين والاحتواء وبعيداً عن ابتكار وسائل الفساد والإفساد، وتكرار مظالم العهد الذي مضى، وذلك إلى حين إصدار قانون إعادة تنظيم النقابات الذي نطالب المؤتمر الوطني التسريع بإصداره.
-------------------------------------------------------------------------
صحيفة (الناس) العدد (15) الثلاثاء الموافق 2013/01/01م.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق