في حديثنا اليوم نتناول العمل الإضافي، وتهافت بعض العاملين عليه، وتساهل بل وتهاون بعض المسؤولين فيه.
حيث أن بعض العاملين "المحظوظين" استمرأ ديمومة العمل الإضافي الذي يغدقه عليهم رئيسهم المباشر، حتى أنه بات عندهم هو "الأصل" -حقٌ مكتسب- والعمل الاعتيادي هو "الفرع"-لا يحقق مكسب-..
حتى بلغ الأمر ببعضهم أنه هدد بإيقاف عمله الذي يؤثر على العملية التشغيلية برمتها، إذا لم يلفق له تكليفٌ بعملٍ إضافي، والمعروف أن العملية التشغيلية كلٌّ لا يتجزأ، وأي خلل في جزء منها سيؤثر تأثيراً خطيراً، قد يهدد بتوقفها..
وهذه المشكلة تفاقمت بتراكم التراخي والإهمال وتدليل المسؤولين لبعض العاملين، لأجل التغطية على فشل هؤلاء المسؤولين في إدارة العملية التشغيلية على أصولها الصحيحة، أو لعلاقاتٍ خاصة تربط الطرفين..
وقد تجاوز هؤلاء المسؤولون مفهوم العمل الإضافي، واعتدوا على محدوديته وحصريته، بتكليف بعض العاملين بأعمال هي من صميم عملهم، أو ببعض الأعمال التي لا علاقة لهم بها، طمعاً في إرضائهم لأنهم أصبحوا يشكلون "لوبي" أو "مفتاح" حل مشاكل هذا المسؤول أو ذاك، أو لضمان استمرارية التشغيل وزيادة الانتاج في بعض الحالات..
أي أن العمل الإضافي أصبح "رشوة" مقننة أو مشرعة، يحدث فيها التفاهم بين الطرفين على حساب العمل، وعلى حساب ميزانية الشركة "المرهقة"..
وكم رأينا من مسؤولين يشترون صمت العاملين وولائهم بثمنٍ بخس، ساعاتٍ معدودة من العمل الإضافي، وكم رأينا من عاملين يريقون ماء وجوههم ليحصلوا على هذه الساعات البائسة، وهم يعلمون أن أعمالهم ملفقة وخاطئة..
ونسي هؤلاء المسؤولين أو تناسوا، أن تعريف العمل الإضافي حسب لائحة شؤون العاملين هو:
(العمل الذي تدعو الحاجة إلى تأديته في غير أوقات العمل الرسمية أو خلال أيام الراحة الأسبوعية أو خلال العطلات الرسمية.).
والمادة (48) من اللائحة تنص على أنه (لا يجوز أن يتقاضى العامل مقابلاً إضافياً عن الأعمال التي كان يتعين عليه انجازها في أوقات العمل الرسمية، ولو كان مكلفاً بهذه الأعمال إضافةً إلى عمله الأصلي).
أما التحايل واختراع الأعمال الوهمية، وما يتداولونه بينهم من هذه الألاعيب، فحدث ولا حرج..
وقد سمعنا ولا زلنا عن بعض هذه المهازل الغريبة، حتى أن أحدهم بات يدعى "ملك الإضافي"، لدوام عمله الإضافي طوال السنة..
والأدهى والأمر، أن حساب المكافآت وحصة الانتاج كانت تتم بإضافة قيمة "العمل الإضافي" إلى المرتب الأصلي، ومن هنا يحدث الفرق الشاسع بين مكافآت وحصص العاملين..
فتجد حصة العامل الكادح المنهوك في المصانع، لا تصل إلى نصف أو ثلث حصة "ملك الإضافي" الذي يسكن في حنايا "القصر الإداري"..
إن المحاباة وانعدام الضمير وانعدام المسؤلية وانعدام الكفاءة الإدارية، جعل من الشركة مرتعاً لفئة استغلالية، تسترزق بدون وجه حقٍ، وتجعل من الشركة بقرةً حلوب لا تكتفي هذه الفئة بحليبها بل تمتص دماءها أيضاً..
لن نُذَكِّرَ بالوطنية والثورية اللتين ابتذلهما الكثيرون..
بل نقول لأمثال هؤلاء..
من المسؤولين والعاملين..:
((كُلُّ جَسَدٍ نَبـَتَ مِنْ سُحْتٍ فالنّار أولى به)).. رواه الطبراني..
هذا ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم فيكم وفي أمثالكم..
فقليلٌ من الحياء يا من أصبحتم للشركة أعداء..
قبل أن تكون عاقبة أمركم خُسرا...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق