نتيجةً للضربات المتتالية لم يعد في الإمكان أن نظل على نفس الرتم من النقد، لأن ذلك يعتبر بلادة لا لزوم ولا مكان لها في دنيا المقال...
وقد تهاطلت علينا في الأيام الأخيرة نيازكاً فاقت في زخمها نيازك روسيا الأخيرة..
فما أن تحدثنا عن الفرق واللجان حتى أغرقنا الإخوة بسيلٍ عرمرم منها، عمَّ انسياب سيبه السبسب ورباه، وفاق في دفقه وشدته وادي المجينين عندما كان في عنفوانه يكتسح طرابلس، ولم نجد ما نعلق به إلاَّ أن تتحول جميع الأعمال الروتينية في الشركة إلى أعمال فرق ولجان عمل، مع النقدية المهداة والعطية المسداة التي لا حساب عليها يوم القيامة إن أفلت إبليس من عقاب الله..
قرارات بتشكيل لجان وفرق..
أحدها تشكيل لجنة للقيام بعمل لجنة قائمة وهي (لجنة شؤون العاملين) وبتوصيةً منها..
بتوصيةٍ منها؟؟!!!...
نعم بتوصيةٍ منها...
أي أن لجنة توصي بتشكيل لجنة...
فعلاً.. يبدو أن "استغفارنا يحتاج إلى استغفار"..
وأخرى بتحديد مشاوير المنسقين الإداريين ووزن أعمالهم ليتم تعويضهم بـ"العدل" و"الإحسان" حسب ميزان كلٍ منهم، فقد تكون الأوراق ثقيلة ولكن المشوار قصير، وقد تكون الأوراق خفيفة ولكن المشوار طويل، وفي هذا يجب اللجوء إلى نظرية النسبية التي ابتدعها "إينشتاين" ليتسلى بها الناس..
وأصحاب المعالي في أبراجهم العاجية يعظون الرعاع من أمثالنا -رحمةً بنا وإشفاقاً على حالنا- بتحري الحلال وألاَّ ننزلق إلى الحرام فنضيع ويضيع أبناؤنا وبناتنا، وكأنهم مخلوقات تختلف عنا ميزهم الله علينا بالعفو والغفران، أو كأنهم قد رأوا منازلهم من الجنة، ألم نقل أن مجتمع (آلة الزمن-The Time Machine) هو حقيقة واقعة..
ولا ندري لماذا إصرار الإدارة على إقحام نقابة عمال الشركة في كل "طبيخة" و"طاجين"، رغم أنها جهة مستقلة لا تعمل تحت إمرة الإدارة، وبالتالي فإن النقابة تضع مصداقيتها على المحك مهما كانت التبريرات، وقد حذرنا مراراً وتكراراً من خطورة هذا الوضع بالنسبة لمستقبل النقابة، ولكننا ننفخ في الرماد..
اليوم.. أصر أحد الإخوة وأخذني من يدي ليريني شيئاً..
ذهبت معه وأنا عليمٌ به من قبل، لأنني اطلعت على مدى الخراب في تلك المنطقة، حيث اجتثت جميع أجهزة التشغيل الآلي من أمكنتها، وتحولت طاولات التحكم أو (Control Panel) إلى ما يشبه الحمى المستباح..
ولكن الجديد في الأمر أن هناك أعمالاً يحسب أهلها أنهم يُحسنون صنعاً..
الموضع الخالي لمعدات تجميع وتحزيم القطاعات الصغيرة بمصنع درفلة القضبان، والتي ذهبت ضحية مؤامرة لجان البيع بالمزاد أو النقص والخسران، يتم ردمه بركام من الزلط والأتربة، في مشروعٍ "حضاري" يدل دلالة واضحة على نباهة إدارة الشركة وصحصحتها لكل ما يجري في أركانها، هذا المشروع -حسب ما أعلمني خاطفي- يهدف إلى إقامة "مكاتب" و"مصلى"، ودلل على ذلك بنسخة من الميزانية الرأسمالية لسنة 2013م. التي رصدت لهذا المشروع (200) كيلو جنيه..
وأيمُ الحق.. "وحق ديني"..
لو أنني لم أكن برفقة ذلك الزميل لما صدقت نفسي بأنني أعيش على الأرض وفي دنيا الناس...
لقد قلت لذلك الزميل وغيره.. إن.. الشركة تسير بلا رأس..
تصور جثة تمشي وتتطوح بلا رأس..!!!...
لقد انتقدنا العشوائيات القائمة في الدرفلة الطولية منذ فترةٍ طويلة، ولكن تزايد معدلها حتى بتنا نرى كيانات تحاول أن تطاول المصنع نفسه، ولولا رحمة الله لأنفجر المصنع من الحنق والضيق والغيظ..
هذا المصنع الذي يكاد يختنق ساكنوه من قلة الهواء النظيف، وتتقلص مساحات العمل فيه يوماً بعد يومٍ حتى تكاد تصبح الحركة فيه بحاجة إلى "لجنة" أو "فريق عمل"، ورعاته نيامٌ بل أموات فهم لا يحسون ولا يشعرون ولا يدركون..
لن نخوض في الأمور الفنية لهذا الشأن، لأن التبريرات جاهزة وإن لم تقتنع فبالعين الحمراء يلين الحديد..
ولا أعتقد أن الأمر سيطول حتى تتحول عنابر الشركة إلى هياكل مهجورة تصلح لتصوير أفلام الرعب أو الخيال العلمي، أو على أقل تقدير معامل لتفريخ الدجاج..
وكان آخر الواعظين يحذرنا من مغبة الظلم، أو السكوت عليه لأن الساكت عن ذلك في شريعتنا وعقيدتنا يسمى "شيطانٌ أخرس"..
لقد أراد واعظنا الأخير أن يعود بنا إلى عصر "الطمشيت اليدوي"، أو ورقة اثبات الحضور والانصراف اليدوية إلى جانب الآلية؟؟!!!..
لقد كنا نتمنى أن يتجرأ أحد هؤلاء الشجعان، ويصدع بسؤال جريء: لماذا لم يتم تركيب أجهزة البصمة الإلكترونية في جميع أماكن الشركة إلى الآن؟؟..!!..
هم يعلمون أن تركيبها سيقلب عليهم الطاولة رأساً على عقب، لأن هذه الأجهزة هي الأكثر دقة في ضبط المواظبة، وهو ما لا يريده فرسان "البوابات" وأسواق "الكارطة"، ولهذا حرصت الشركة على منح هؤلاء فرصةً هائلة للعمل من منازلهم وفي غرف نومهم، إسوةٌ بمن ترصد لهم مرتباتهم السنوية مقدماً من قبل وكيل وزارة الصناعة، مبعوث العناية الإلهية ورسول الرحمة الربانية للمساكين الخائفين الوجلين في مساكنهم ومخيمات اللجوء في التيه..
لم نسمع منكم عن تقدم أعمالكم في تركيب تلك الأجهزة، ولكن رأينا منكم إذلالنا وتحقيرنا والسخرية بنا..
إن الفرصة الآن مواتية لتمييز الخبيث من الطيب، ونحن لا نجد غضاضة في أن يبقى القاعدون والمتخلفون في بيوتهم، لأنهم لن يزيدوا الملتزمين إلاَّ "خبالاً" ولأوضعوا خلالهم يبغونهم "الفتنة" وفيهم "سماعون لهم"، ولو رغبوا في أن تأتيهم مرتباتهم في أظرف نهاية كل شهر، لكان ذلك أجدى للشركة وأصلح برغم خلاف ذلك ظاهرياً، الآن يجب أن يتميز الخبيث من الطيب، لتركم الشركة الخبيث بعضه فوق بعض، ثم ترمي به خارج أسوارها عند اشتداد عود الدولة.. جربوا ولن تندموا..
أمامنا الآن الميزانية التقديرية الرأسمالية للعام 2013م.، وهي لوحدها تحتاج إلى صفحة مفردة على موقع التواصل الاجتماعي، لأن ما فيها من أخطاء طباعية فقط يدل على يقظة ونباهة واضعوها ومراجعوها والمطلعين عليها من "المحراب" إلى "فم الباب"..
لا غرابة في ذلك كله، فكل المراسلات والتوجيهات والتعليمات والقرارات، تمر من أعلى إلى أسفل وكل إشارات المرور أمامها "خضراء"، فلا تعليق ولا ملاحظات ولا مراجعة ولا انتقاد فما بالك بالإعتراض، ونجد من يعلمنا أن (الساكت عن الحق شيطانٌ أخرس)..
نرجو أن لا يأتي يوم نعض فيه على أصابعنا قائلين..
ليتنا طالبنا بإعادة تأهيل الشركة بعد حرب التحرير، تأهيلاً شاملاً متكاملاً وعلى أسس وأصول صحيحة، وليتنا لم نتسرع في تشغيل المصانع وهي متهالكة وتئن من إهمال السنين..
ولله في خلقه شؤون.. وله الأمر من قبل ومن بعد..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق