الأحد، 20 يناير 2013

العبثية "منهجاً"...

في هذا العصر والأوان.. يُحكى أنَّ عاملاً ذهب يوم الأحد 30 ديسمبر 2012م. إلى عمله متأخراً، وعند وصوله إلى دوار البوابة رقم (1)، وجد أمامه سيارتين تدخلان، فترك تلك البوابة لسابق موقفٍ تعرَّض له فيها -في توقيت مشابه تماماً-، وواصل سيره إلى البوابة رقم (5)، وهي البوابة التي خُصصت لدخول العاملين، فوجد أمامه حاجزاً في مدخلها، ورأى أشخاصاً يُلوِّحون له بأيديهم أن اذهب إلى البوابة رقم (3)، وهي بوابة تقع في أقصى حدود الشركة، الغريب العجيب أن البوابة لا توجد بها أدنى حركة، لا سيارات ولا بشر، فاستغرب لماذا هذه "المسخرة" أو "الغباء" ؟؟؟..
على الفور اتصل بأحد زملاءه في العمل وأخبره بما حدث، وأعلمه بأنه عائدٌ أدراجه إلى البيت، ولسان حاله يقول (("النوم" ولا "المذلة"))..
للذين لا يعرفون ما كان يُدعى بـ "الشركة"، هي عبارة عن سياج ضخم من الأسوار الإسمنتية، تعلوها أسلاكٌ شائكة، وفي هذا السياج الضخم توجد (4) بوابات وعدة أبراج للمراقبة تتوزع على طول السياج..
البوابات الأربع يوجد ثلاثةٌ منها على طريقٍ معبد، وهي التي يمكن الدخول منها للعاملين أو لغيرهم من المتعاملين، أما الرابعة فتقع خلفاً وخصصت للتخلص من مخلفات المصانع وفضلاتها..

لا تدع العجب يأخذك.. فليست هذه "ثكنة عسكرية أمنية".. أبداً.. لا تترك خيالك يرمي بك بعيداً.. فتندم..
كانت الشركة قبل الحرب تدار بالعقلية الأمنية البوليسية، فإلى جانب ما ذُكر، كانت هناك عدة أجهزة أمنية تعمل داخل الشركة، تصول وتجول كما تشاء وتتدخل في كل شيء. وبعد الحرب الأخيرة انفلت كل شيء كما هي الحال في البلاد كلها..
فماذا كان موقف الإدارة القديمة الجديدة.؟؟...
كان هاجس "السيطرة" هو المحرك الأوحد لهذه الإدارة..
كيف يمكن عودة الأمور إلى مجراها ما قبل الحرب؟؟..
استخدمت الإدارة كل الوسائل، واستعانت بما خلفه "ميكيافيللي" من تراث في مجال "السيطرة"، فرسمت الخطط وتفننت في صنع الألاعيب والحيل، ولم تستنفد بعد بقية وسائل المكر والدهاء..
آخر ما تفتق عنه ذهن تلك الإدارة "العتيقة"، هو ما ذكرناه الآن من أمور أقل ما توصف به أنها "عبثية"، إلاَّ أن عبثيتها قد فاقت عبثية "سلطان الأباريق"*..
ولكي يعلم من لا يعرفون هذه الشركة، فالبوابة التي ترفض الإدارة الدخول منها بإباء وعنجهية، كانت هي "نفسها وبعينها" بوابة الدخول الرئيسية للعاملين، وكانت مجهزة بمنظومة إلكترونية، تحتوي فيما تحتويه "عمود" لمنع دخول السيارات، لكن الإدارة إمعاناً منها في ترويض العاملين الجامحين وإذلالهم، لم تلتفت إلى هذه البوابة لكي تعود كما كانت، وبالتالي تنعدم حجتها في "العبثية" التي تمارسها، فتغاضت عن صيانتها وإصلاحها طيلة أكثر من عام، لكي يتحفنا أحد أبطالها ولجنته، ومِنْ وراءهم آمرهم "بالسوء"، بهذه الحيلة "السخيفة"، التي لا تدل إلا على "وضاعة" مبتكرها والموصي بها..
كان الجاهليون يقولون كما تحدث عنهم القرآن (بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون)، إلاَّ أن هؤلاء لم يرضوا بما كان عليه الأولون، بل زادوا من جرعة "العبثية" لتحلية "الطبخة"...
فتلذذوا بطبختكم كما يحلو لكم...
ألا فبؤساً وتعساً لشركةٍ يقودها أمثال هؤلاء...
-----------------------------------------------------
* سلطان الأباريق: هو رجلٌ عادي في زمنٍ قديم، كانت وظيفته الاشراف على أباريق تستخدم في أحد المراحيض العامة، ذات مرة جاء رجلٌ يدافعه أحد الأخبثين، وأخذ أحد الأباريق دون الالتفات إلى المشرف عليها، فاستوقفه المشرف وطلب منه إعادة الإبريق إلى مكانه، وعندما أعاده إلى مكانه طلب منه أخذ نفس الإبريق، وعندما سأله الرجل لما فعلت هذا، قال حتى تعلم إنني أنا المسؤول هنا ولا يقع إلا ما أريد.. وهو ما نطلق عليه "العبث"..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق