لم نجد في قاموس اللغة ما يناسب ما صدر أخيراً من إدارة الشركة من إبداع، أفضل من هذا العنوان..
فعندما تنطمس البصيرة ويغيب العقل، نجد أنفسنا أننا أمام تصرفات اعتباطية ارتجالية، ليس للمنطق ولا للعقل فيها نصيب.
ورقة الحضور والانصراف (ورقة العمل) الصادرة أخيراً، بناءً على وإرضاءً لـ "إصرار" المفوض العام للشركة على هدفه الغير معلن، في إعادة النظام السابق الذي يكرس مبدأ السيادة والعبودية، أو تقسيم العاملين إلى سادة وعبيد..
"سادةٌ" محظوظون -إلى الأبد- و"عبيدٌ" أشقياء -إلى الأبد-..
"سادةٌ" يحق لهم التمتع بكل إمكانيات الشركة، دون حسيب أو رقيب، لأنه "حقٌ إلهي" كما كان يدعي شعبُ الله المختار..
و"عبيدٌ" يجب أن يذعنوا لإرادة السادة، فلا يقاسموهم أو حتى مجرد أن يقاربوهم في التمتع بامكانيات وامتيازات الشركة، حتى بتنا أقرب إلى نظام الفصل العنصري أو "Apartheid" الذي كان مهيمناً في جنوب أفريقيا..
نحن كدنا نلمس هذا مجسداً في التشبث اللامبرر في محاولة منع سيارات العاملين من دخول الشركة بأي وسيلة، فإذا سقط هذا التمييز فقد ضاعت هيبة المسؤولين -في نظرهم-، وخسروا أقل ما كانوا يتمتعون به من حرية الدخول والخروج، التي كانت محرمة على بقية العاملين..
نحن لا نحسد أحداً من المسؤولين على حسن حظهم، أو نود مضايقتهم في دخولهم وخروجهم، ولكنهم يجب أن يدركوا أن الأمور قد تغيرت، وأن الشركة لم تعد معتقلاً يحبس فيه بضعة آلاف من البشر طيلة ثمانية ساعات، حتى يأمن "الرميم الهالك" ويطول أمد بقاءه..
إذا كانوا يريدون أن يطبقوا نظام الفصل العنصري، فعليهم ضمان نقل العاملين من أمام "عتبات" بيوتهم إلى "عتبات" عملهم، إسوة بالمسؤولين وتنفيساً عليهم..
إن العجلة اللامتعقلة في إصدار ورقة العمل الجديدة، جعل منها نموذجاً سيئاً لكيفية إدارة الأعمال، فالورقة تلزم العاملين باثبات حضورهم مرتين عند الدخول ومرتين عند الخروج، وهذا لعمري إبداعٌ ما بعده إبداع..
ونريد أن نطرح سؤالاً هنا: ماذا تسمون هذا في الألفية الثالثة التي يمكن أن يثبت فيها الموظف حضوره بمجرد المرور أمام جهازٍ يقرأ بصمة الوجه أو الجسد؟؟، دون داعٍ لاستعمال بطاقة أو بصمة كف أو إصبع أو مخلب!!!!..
لقد كنا ننتقد النماذج المتخلفة التي تعمل بها الشركة، تلك النماذج التي تتكدس فيها التوقيعات بصورة عجيبة، حتى وصل أحدها -إخلاء طرف- إلى أكثر من 28 توقيعاً، ونموذج "صرف المواد" الذي يحتوي على 11 توقيعاً، لننصدم اليوم بهذه الورقة الأكثر بدائيةً..!!!..
أفي سبيل إرضاء "هوى" مسؤولٍ ودعماً لـ"صموده" في معركة البوابة، ترتكبون كل هذه الأخطاء، وتؤسسون لهذه الأنظمة المتردية؟؟.
هذه الورقة -كما ترون- لا زالت "تحلم" بفوضى "الرميم الهالك" من مصطلحات وفرائض، فالعامل أو الموظف لا زال "منتج"، وبعد إنهيار كتائب "الرميم الهالك" لم يفارقنا "الجمع العسكري" بعد، وماذا سيفعلون برقم (الآيزو)!!!..
إن الرجال لا تنقصهم الشجاعة في التراجع عن الخطأ، لأن الاعتراف به فضيلة..
لقد تكرر هذا السلوك عدة مرات، ولا ندري ما العلة في ذلك وأين تكمن؟..
هل تدارس هؤلاء "الخبراء" قراراتهم قبل إطلاقها؟؟..
هل عملوا "نمذجةً" أو "محاكاة" لها حتى يدركوا مختنقاتها ومشاكلها مقدماً؟؟..
إن العاملين لا يرفضون أنظمة العمل التي تضبطه وترتقي به، ولكنهم يرفضون هذا التلاعب "الصبياني" بهم..
قلنا ولا زلنا نكرر، أن منظومة البصمة الإلكترونية هي وحدها المعتمدة في صرف المرتبات وتسجيل المواظبة، فلماذا كل هذا التعدد، وهذا التعنت وهذا العناء؟؟..
ولماذا الحرص على افتعال هذه المشاكل في كل وقت مع العاملين؟؟..
هل كان ذنب العاملين أنهم أطاحوا ببعض المسؤولين، وتركوا البعض الآخر ليسوموهم الذل والمهانة؟؟..
هل هو "الإستقواء" على العاملين، و"الوداعة" أمام غيرهم؟؟..
كفانا هذه المهازل، فقد طفح الكيل..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق