تكلمت عن هذا الموضوع منذ بداية تسعينيات القرن الماضي، ولكنني تعرضت آنذاك إلى موجة من السخرية والامتعاض، إذ أن بعض من مسهم الموضوع غضبوا من تدخلي فيما لا يعنيني..
والحقيقة أنني كنت أنظر إلى الأمر على أنه تدهورٌ في عقلية من ظننا أنهم سيرفعون من شأن البلاد، بحكم أنهم عايشوا وعاشروا أممٌ متحضرة ولمدة سنوات عديدة، وإذا بهم كما يقول المثل (كأنك يا بوزيد.. لا رحت ولا جيت)، وهو من شر البلية التي تُبكي ولا تُضحك..
موضوعنا الذي نقصده، ذو شقين..
شِقٌّ إداري اقتصادي..
وشِقٌّ حضاري فني..
أما الشِّقُّ الأول..
فهو هذا الهدر الكبير في الزيوت في مصانع الدرفلة الطولية، الذي لم تشأ الإدارة أن تضع له حلاً جذرياً، بسبب انعدام رؤيتها أو تشوهها لمفهوم الصناعة أو الإدارة الصناعية..
فالظاهر أن ما فهمه القياديون من الإدارة الصناعية، هو عبارة "استمرارية سير عجلة الانتاج" تساوقاً مع شعار "الكفاح الثوري مستمر"، وهو -بنظرهم- سبب بقائهم وتربعهم على كراسي الإدارات، فهم أوفياء لما يكون لهم سبباً في البقاء..
كذلك من أهم الأسباب في ذلك هو تبني سياسة النعام في دفن الرأس في التراب، وتغطية المشاكل بمشاكل أكبر منها، ولكنها لا تثير انتباه القابعين في برج الإدارة العليا الذين لا يدرون ولا يتجولون ولا يتفقدون خشية أن تصيب باطن أحذيتهم أوساخ المصانع وفضلاتها، أو -لا سمح الله- يسمعون ضجيجاً يفسد ذوق آذانهم الموسيقية..
ولو يقارن المسؤولون بين المعيار الذي وضعه المقاول لاستهلاك الزيوت بالمصانع وما يتم استهلاكه بالفعل، لتبين لهم حجم المأساة الحقيقية، التي تراكمت وتفاقمت، وترسخت عرفاً وتراثاً ومعياراً..
ويأتي بعد ذلك من يناقش في سرقات العمال بسبب فتح البوابات ودخول السيارات..!!!..
والحقيقة أنني كنت أنظر إلى الأمر على أنه تدهورٌ في عقلية من ظننا أنهم سيرفعون من شأن البلاد، بحكم أنهم عايشوا وعاشروا أممٌ متحضرة ولمدة سنوات عديدة، وإذا بهم كما يقول المثل (كأنك يا بوزيد.. لا رحت ولا جيت)، وهو من شر البلية التي تُبكي ولا تُضحك..
موضوعنا الذي نقصده، ذو شقين..
شِقٌّ إداري اقتصادي..
وشِقٌّ حضاري فني..
أما الشِّقُّ الأول..
فهو هذا الهدر الكبير في الزيوت في مصانع الدرفلة الطولية، الذي لم تشأ الإدارة أن تضع له حلاً جذرياً، بسبب انعدام رؤيتها أو تشوهها لمفهوم الصناعة أو الإدارة الصناعية..
فالظاهر أن ما فهمه القياديون من الإدارة الصناعية، هو عبارة "استمرارية سير عجلة الانتاج" تساوقاً مع شعار "الكفاح الثوري مستمر"، وهو -بنظرهم- سبب بقائهم وتربعهم على كراسي الإدارات، فهم أوفياء لما يكون لهم سبباً في البقاء..
كذلك من أهم الأسباب في ذلك هو تبني سياسة النعام في دفن الرأس في التراب، وتغطية المشاكل بمشاكل أكبر منها، ولكنها لا تثير انتباه القابعين في برج الإدارة العليا الذين لا يدرون ولا يتجولون ولا يتفقدون خشية أن تصيب باطن أحذيتهم أوساخ المصانع وفضلاتها، أو -لا سمح الله- يسمعون ضجيجاً يفسد ذوق آذانهم الموسيقية..
ولو يقارن المسؤولون بين المعيار الذي وضعه المقاول لاستهلاك الزيوت بالمصانع وما يتم استهلاكه بالفعل، لتبين لهم حجم المأساة الحقيقية، التي تراكمت وتفاقمت، وترسخت عرفاً وتراثاً ومعياراً..
ويأتي بعد ذلك من يناقش في سرقات العمال بسبب فتح البوابات ودخول السيارات..!!!..
أما الشِّقُّ الثاني..
فهو الطريقة البدائية المتخلفة التي يتم بها مناولة "براميل" الزيوت في مصانع الدرفلة الطولية..
فهذه البراميل يتم وضعها على الشاحنات بطريقة فنية بواسطة الرافعة الشوكية وعدة مناولة البراميل.. ولكنها عند وصولها إلى مصانع الدرفلة الطولية تتغير وتتبدل المعايير، وكأن المخازن في "اليابان" والدرفلة الطولية في "الصومال"..؟؟..
واعتقد أن سياسة "غض الطرف" -ليس حياءً- التي مارستها الإدارة، بل ومدحاً -أحياناً- في سرعة مناولة هذه البراميل، التي لو استعملت فيها الطرق والوسائل المتعارف عليها في هذا "الكون" لاستغرقت أضعاف الوقت الذي تستغرقه الطريقة الفذة المتفردة..
هذه الطريقة لا تستلزم أية معدات أو آليات، حيث يتم وضع "إطار" شاحنة مستهلك، أو "طبلة خشبية" على الأرض ثم يتم دحرجة البراميل عليها لتسقط أرضاً متهشمة ومشوهة..
بهذه الطريقة يتم تغذية أفران مصانع الصلب بالخردة، حيث لا ينجو من هذه "المذبحة" برميلٌ إلاَّ بأعجوبة نادرة جداً..
من يحضر وقائع هذا "البلاء" يتحسر على الجهد الانساني، من أبحاث ودراسات واختراعات، وتحسين وتطوير، لصنع هذه البراميل والآليات والمعدات المستخدمة في مناولتها، ليأتي أدعياء الصناعة ويعبثون بذلك كله..
سيقولون لك هو توفير للوقت، ويتناسون أنهم بلاء الوقت..
ألا توجد معدات للمناولة ألطف وأكثر أماناً من هذه الطريقة التي تعاملون بها تلك البراميل المسكينة؟؟..
وقبل ذلك.. لماذا لا تعترفون بعجزكم عن حل مشكلة التسربات المزمنة، وتجعلوا منها هدفاً حاسماً: إمَّا أنتم أو التسربات..!!!.
لماذا لا ترتقون بالحس الحضاري لهؤلاء العمال المساكين، الذين يعملون بفطرتهم لا بعقولهم..!!.
أليسوا بشراً..؟؟.
ألا يتعارض ما يفعلونه مع أدنى قواعد السلامة العامة؟؟..
هل يسعدكم منظر الطرقات والممرات التي ضاعت معالمها بسبب تسربات الزيوت واختلاطها بالأتربة والغبار.؟؟.. ناهيك عن شاحنات الرمل التي تلقى هنا وهناك لتخفي آثار الزيت المسكوب، وتمنع من انزلاق المارة عليه.
ألا تعلمون أن سبب بعض تلك التسربات هو تآكل موانع تسرب بخسة التكلفة.؟؟..
من يدير المصانع -حقيقةً- هل هم المدراء أم المشرفين والفنيين.؟؟..
وهناك طرائق بدائية أخرى، قد نتطرق لها مستقبلاً، وسوف تتعجبون ممن يأتي بهذه الأعاجيب..
أعلم يقيناً أنكم تدركون هذا كله..
ولكن..
العيب ليس فيكم.. وكما قال تعالى:
(إنه لكبيركم الذي علمكم السحر)...
نماذج من معدات مناولة البراميل..
من شر البلية مايضحك... فعلاً والله
ردحذف(وكأن المخازن في "اليابان" والدرفلة الطولية في "الصومال"..؟؟..)
وعلى هذا المنوال مناولة اسطوانات الغاز والاكسجين... كيف تتم؟ وكم تأخد من جهد جهيد؟...
شكراً أخ عزالدين على تفاعلك الايجابي..
حذفالغريب أن طرائق العمل تراوح مكانها أو تتخلف، والمسؤولون يتقدمون في مناصبهم ويترفعون..!!!
أين معايير العمل (Work standard)؟؟..
أين قواعد السلامة؟؟..
بل أين الحس الحضاري الذي يمقت الفوضى والقذارة؟؟..
أين الحرص على سلامة البيئة؟؟..
أين المحافظة على المال العام؟؟..
ولكن..
إذا لم تستحِ.. فاصنع ما شئت..