ما نراه، ونسمع به، ونحسه، من كثرة تردد أعضاء مجلس النقابة على مكتب مفوض عام الشركة، يذكرنا بقول الأمام احمد بن حنبل : (إذا رأيتم الفقيه يعتاد مجالس السلطان فلا تستفتوه).. ويشكل منعطفاً خطيراً في العمل النقابي، وقد يطيح به نهائياً.
قوة النقابة في انحيازها للعمال، وضعفها في تزلفها للإدارة..
ولجنة (تقصي الحقائق) "حول مطالبات العاملين والتي ترتب عنها إيقاف تشغيل مصنع القضبان بخطيه الأول والثاني"، التي تشكلت "بموجب قرار المفوض العام رقم (178) لسنة 2012م."، والتي تجوب مصانع الدرفلة الطولية، وهي تحمل هماً واحداً فقط، وهو: لماذا إيقاف التشغيل؟. لا تعدو كونها "مُسَكِّن" أو "مُهديء" تلجأ إليه الإدارة لامتصاص غضب العاملين والاحتقانات التي تراكمت عندهم طيلة السنين الماضية.
هذه اللجنة التي تحمل معها استبياناً هزيلاً، يذكرنا أسلوبه بنماذج التحقيق مع المخالفين، يُحَجِّمْ المشكلة ويُقَزِّمَها في (إيقاف خطوط الانتاج بالمصنع)، ولا تحاول اللجنة أن تسجل ما تراه أعينها وتلمسه أيديها من مشاكل بحجم الكوارث، يجعل من جدوى وجود الإدارة نفسها علامة استفهام كبيرة جداً..
أين دور الإدارة العامة للدرفلة الطولية، بكامل تقسيماتها، إذا كانت لا تعلم المشاكل أو لا تحس بها أو لا تعترف بأن هناك مشاكل أصلاً..
ماذا سيكون رد فعل مفوض عام الشركة إذا تبين له أن الإدارة العامة للدرفلة الطولية تعيش في غيبوبة كاملة (كوما) منذ أكثر من عقدين من الزمن.؟؟..
وما دور النقابة إذاً.؟؟؟.
هذا الوليد الجديد الذي لا زال يحبو في أولى خطواته، يجب أن يبحث عما يقويه ويصلِّب عوده، لا أن يحاول أن يرضي الطرفين، رغم الهوة الشاسعة بينهما.
ليس غريباً أن نجد بعض العاملين ألسنتهم مع النقابة وقلوبهم وأيديهم مع إدارة الشركة، فرضى الإدارة هو الذي سيجلب لهم المصالح، ورضى العاملين سيجلب لهم المشاكل.
وأمثال هؤلاء هم الذين سيقبرون النقابة، ويهيلون عليها التراب..
مصير النقابة أصبح على المحك في سويعات مهدها الأولى..
كنا نعتقد أن الحراك العفوي الذي قام به العاملين، سيرغم السادة المدراء على النزول عن عروشهم، لدقائق معدودة، يمرغون فيها أقدامهم بالسناج الأسود الذي لا يفارق العاملين، وأصبح من لوازمهم، حتى أن أحدهم إذا رام -في السابق- دخول مكتب أحد المدراء المفروش بالبساط، يطلب منه مسح حذائه أو البقاء خارج المكتب لأنه من الدرفلة الطولية..
ولكن العاملين كما كانوا سابقاً، لا يشكلون ثقلاً أو أهميةً لدى الإدارة العليا، فهي تترفع عن تفقد أحوالهم والنزول إلى أرض الواقع، واكتفت بتشكيل تلك اللجنة المتجولة، مما يُعّدُّ إهانةً للعاملين وتقليلاً من شأنهم، الأمر الذي أغاظني وجعلني أثور غضباً في وجه عضوي اللجنة -رغم احترامي لشخصيهما-، وأتَهِمُ أحدهما بأنه عدو العاملين لمواقفه السابقة منهم، ولكنه أكد لي بأنه بريءٌ منها بالأدلة والمستندات.
كنا نرجو من "النقابة" أن يكون لها موقف قوي، أو تتجنب الدخول كطرف محايد..
ورداً على عضوي اللجنة اللذين طلبا منا أن نخاطب الإدارة بملاحظاتنا ومشاكلنا نقول:
"استرجل.. وانزل"..
شعارٌ نرفعه في وجه رأس الشركة، ليسجل موقفاً رجولياً يُحسب له، ويقرب الفجوة بين الإدارة والعاملين، ويكون من عاداته اليومية، لا الفصلية أو السنوية أو البروتوكولية أو الكوارثية..
ساعة يومية تفقدية فجائية، تقلب موازين الإدارة رأساً على عقب، ترفع من رصيد رأس الشركة لدى العاملين، وتدخل الرعب في قلوب أتباعه المحنطين، فتدب فيهم الحياة، ويضطرون لمجاراة الأحداث فينفعلون بها ويتفاعلون معها، ويكون مردود هذا كله في صالح الجميع (الشركة) و(العاملين) .
أما إذا استمرت الإدارة بعقلية تسطيح المشاكل وتهميش العاملين، فأمام النقابة قرارٌ مصيري تجاهها، يضع الأمور في نصابها، ويزيل الزيف الموروث..
وليس أمامها إلاَّ الانحياز الكامل للعاملين، تغليباً لمصلحة الطرفين أخيراً..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق