الأحد، 24 يونيو 2012

دعوى التحرر والانعتاق.. وعقلية الصد والانغلاق..

بعد أن تنسم الناس الحرية، وظنوا أنهم قد طلقوا العبودية إلى غير رجعة، وانسجاماً مع الحالة الثورية -بمفهومها الجديد- للشارع الليبي، فقد توقع الناس أن تكون المكاسب متناسبة مع حجم التضحيات..
ولكن.. يبدو أن حساب الحقل يختلف عن حساب البيدر كما يقولون..
فأنظمة القمع ولوائح التخلف لا زالت هي الغالبة المتغلبة في واقع الناس..

اليوم.. ذهبت إلى فرع مصرف الصحارى بالشركة لإنجاز معاملة، فوجهوني إلى فرع المصرف بالميناء، وذهبت إلى هناك..

وعند بوابة الميناء، وجدت مجموعة من رجال الأمن بزيهم الجميل، توقفت لأحدهم وقلت له: أريد فرع المصرف هنا، فأشار لي بيده أن أدخل قائلاً "تفضل"، لم يطلب مني أي وثيقة أو بطاقة، ولم يسألني هل أعمل هناك أم لا.
حقيقةً، أدهشني هذا الأسلوب الراقي في التعامل، وقد كان في ذهني أنني سأُمنع من الدخول راكباً، وسيطلب مني الترجل..
شكرت رجل الأمن، وولجت داخلاً بسيارتي إلى فرع المصرف..
وللأسف الشديد، وجدت تلكؤاً في الإجراءات لدرجة الملل والإحباط، وفعلاً لم تتم المعاملة لخطأٍ في رقم الحساب الذي أعلن عليه المصرف نفسه، ونشر إعلانات في فروعه متضمنة لرقم الحساب هذا..
عدت من حيث اتيت أجر أذيال الخيبة، وعند وصولي إلى البوابة رقم (1) بالشركة، وجدتها مغلقة بالحاجز، فتوقفت وكلمت موظف الأمن عن الدخول، فقال إن لديه تعليمات بعدم السماح للعاملين بالدخول..
قلت له بأني دخلت هذا الصباح من هذه البوابة، فماذا حدث؟؟.
قال إن لديه تعليمات مكتوبة ومعلقة بحجرة البوابة تقول بإقفال البوابة بعد دخول العاملين في الصباح أي عند الساعة التاسعة ، وعدم السماح لأحد بالدخول أو الخروج عدا الشاحنات..
يا سبحان الله.!!!!!..
البوابة أمامي ليست بها أي حركة حتى للذباب الأسود، فلماذا كل هذا التقعر والتعقيد المقيت..
أين يعيش هؤلاء.؟؟؟
ما نوع عقلية القائمين على مثل هذه الأمور، بدءاً من رئيس قسم الحراسة والتصاريح وانتهاءً بمشرف قطاع الشؤون الإدارية والخدمات، مروراً بمديرهم العام وإن كان لديهم مدير إدارة، وكل من له علاقة..
لقد تم السماح لدخول العاملين بعد المشكلة التي أحدثها قرار المفوض العام بتفعيل قارئات التصاريح بالبوابات، فلماذا لم يقوم رئيس قسم الحراسة والتصاريح بإصدار تعليماته بإباحة الدخول والخروج من جميع البوابات على التساوي.؟؟..
يسوقون حجة الشاحنات ومصلحة الشركة، ونحن نقول لهم إن منح المرونة هو الذي سينظم عملية دخول وخروج العاملين بطريقة سلسة لا تزاحم فيها ولا اكتظاظ..
كم من مرة أشرنا إلى تشدد الشركة في توافه الأمور، وجعلها من أولى أولويات رؤوسها، وإهمال المشاكل والكوارث التي تكاد تطيح بالشركة وتجثتها من جذورها؟؟..
لقد كانت ولا زالت إدارة النقل، وقسم نقل الأفراد بالتحديد، يقومون بحركات "مضحكة" "ساذجة" "مكلفة" "متخلفة" "متلفة"، حين كانت الحافلات تؤمر بإفراغ العاملين أمام البوابة (5)، وتعود إلى البوابة (1) أو (2) لتدخل من هناك إلى المحطة الداخلية التي لا تبعد عن البوابة (5) إلا عشرات الأمتار.!!!.
لقد كان في مقدور تلك الحافلات الدخول بكل سهولة ويسر من البوابة (1) وتقوم بتوزيع العاملين على أمكنة عملهم، ثم تعود إلى المحطة الداخلية لإيصال أعدادٍ أخرى من العاملين، حيث يثبتون دخولهم العمل بواسطة منظومة البصمة الإلكترونية المعتمدة والموزعة على كل المصانع والوحدات الإدارية والخدمية بالشركة..
على كل حال،، قال لي موظف الأمن ناصحاً: اذهب إلى البوابة (5) وادخل من هناك، فقلت له بل سأعود إلى بيتي أفضل.
وهكذا كان..
عدت وأنا أردد: هل فعلاً تحررنا وانعتقنا، أم هي مجرد دعوى كاذبة صدقناها، وانطلت علينا.
فكل أمور الشركة توحي بذلك، ولا تترك مجالاً لحالم..
يبدو أن هناك أوفياء لعقلية الكبت والقمع، لا يزال يراودهم حلم عودة الأوضاع إلى ما كانت عليه..
من هنا يتولد الإحباط..
ومن هنا يبدأ الصراع..
وللتذكير فإن "حصن باب العزيزية" المنيع، أصبح سوقاً ومنتزهاً شعبياً الآن..
ومرة أخرى، تحيةً لرجال أمن "الميناء" الذي يعد منفذاً حساساً، ولكنهم يتعاملون مع المواطنين برقيٍ حضاري انعدم عند "أهل" شركتنا العتيدة.
..................................................

* دعوى : أي إدعاء.
الأحد 2012/06/24م.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق