الجمعة، 22 يونيو 2012

حديث اليوم*.. التخطيط للتسويق..


على قارعة الطريق في صباح اليوم، وأنا انتظر حافلة الشركة، جال بخاطري ما قاله لي سائقها ذات صباح، من أنه لديه تعليمات بإنزال العاملين خارج البوابة ليدخلوا أبواب الشركة راجلين منكسين رؤوسهم ومطأطئين..
فأعددت للأمر عدته، وحضرت الحافلة وتوقفت أمامي وفتح بابها، وقبل أن أفكر بالولوج سألت السائق هل سينزلني داخل أسوار الشركة أم خارجها؟. فرد بقوله: بل خارجها..
والذي جعلني أتجرأ على سؤاله، هو أنني قلت في نفسي لعل شيئاً ما قد تغير بعد أحداث قرار قارئات البوابات سيء السمعة، وهنا تيقنت أن إدارة الشركة ماضيةٌ بعزمٍ وثبات في مسيرها الذي اختطته لنفسها منذ تربعها على عرش السيطرة عليها.

شكرت السائق وتمنيت له رحلة سعيدة، رافضاً صعود الحافلة..
حاولت أن اتصل ببعض الأصدقاء لينقذني من التأخير أو الوقوع فريسة للتاكسيات "الحرة" التي لا حد لتسعيرتها إلاَّ بما يقرره مزاج سائقها.. ولكن دون جدوى.
ودون توقعٍ مني، توقف أحد الأصدقاء وأخذني معه..
في الطريق دردشت معه عن العمل كعادة كل عامل بالشركة، فشكى لي من عدم التزام العاملين بالحضور وخاصةً في الوردية المسائية، وأنه يترتب على ذلك تأخر شحن الباخرة التي تقل حديد تسليح عالي المقاومة إلى الأردن، حيث أن الكمية المتعاقد عليها هي (11,000) طن، وقال إن هذا اليوم هو السابع ولم يتم اكمال الشحن، فسألته عن معدل الشحن اليومي سابقاً، فقال إنه (2000) طن، أي أن هذه الباخرة يمكن شحنها في ظرف (6) أيامٍ لا أكثر..
هنا تساءلت..
هل قامت الجهة المختصة عن التسويق الخارجي بتقدير إمكانيات الشركة في الوفاء بالتزاماتها تجاه الزبائن؟؟...
وهل هناك متابعة يومية، بل "آنية" لمجريات الأمور وسير الأعمال حتى يمكن تلافي أي قصور قد يؤثر على التزامات الشركة؟؟..
إننا كنا سابقاً نعاني من إدارة تخطيط الانتاج، التي أثبتت فشلها الذريع في القيام بواجباتها المنوطة بها، فأصبحنا نرى تدهوراً في الإدارة التسويقية، وهما طرفي العملية الانتاجية..
لقد قلت في نقاشاتي مع بعض زملاء العمل، أن إدارة تخطيط الانتاج إدارة زائدة وينبغي إلغاؤها، والإكتفاء بمكتب لها في إدارة التسويق، إذ أن النشاط الذي يرجى منها له علاقة بالعملية التسويقية أكثر منه بالعملية الانتاجية..
وهنا أسوق ما ذكره الأستاذ محمد الترجمان في مقالة له بنشرة الشركة:
(هل يسبق االتسويق الانتاج أم يسبق الانتاج التسويق؟:
العديد من الشركات الانتاجية يحوي ملاكها الوظيفي على إدارة التسويق، ولكن واقعها الفعلي لا تعير اهتماماً للعملية التسويقية إلا القليل. يتمثل في جزئية من وظيفة إدارة المبيعات "كما أن المبيعات تعتبر جزئية من النشاط التسويقي"، وبرغم وجود إدارة تسويق بهذه الشركات، إلاَّ أنها تركز على العملية الانتاجية أولاً، ثم تتبعه جهود بيعية وليست "تسويقية"!. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هل تحتاج الشركة المنتجة إلى جهود تسويقية قبل أن تبدأ في العملية الانتاجية؟.
للإجابة على هذا السؤال، فإن الشركات المتميزة، سواءٌ كانت في الدول المتقدمة أو النامية، تركز على النشاط التسويقي أولاً من خلال دراسة السوق واحتياجات المستهلكين "حجم الطلب" وتصحيح المنتج المطلوب، وما يريده المستهلك من مواصفات وتحديد مواعيد احتياج المستهلكين، ثم بعد ذلك تبدأ العملية الانتاجية في انتاج السلع التي تعكس هذه الاحتياجات، ثم يأتي دور التسويق من جديد من خلال وضع السياسيات المناسبة لتسويق هذا الانتاج، وأيضاً دوره في اقناع المستهلكين بمقدرة هذه المنتجات في تحقيق رغبات واحتياجات المستهلكين.

دراسة السوق  =====> عملية انتاجية =====> وضع سياسة تسويقية )**.

انتهى الاقتباس من المقال، وانتهى حديثي مع الصديق، وشكرته على صنيعه معي، وفي طريق لفت انتباهي توقف حافلة لتقل العاملين بالوردية الليلية، فقلت لأستغل الفرصة، صعدت إلى الحافلة، وسألت السائق عن مدى صحة التعليمات بإنزال العاملين خارج أسوار الشرك..
قال السائق أنه شخصياً لم يتلقى أي تعليمات في هذا الخصوص، وأنه يخير العاملين بين النزول والمكوث في الحافلة، فبعضهم ينزل وبعضهم يبقى في الحافلة..
وبمجرد وصولي لمكان عملي كتبت مذكرة وجهة نسخةً منها إلى رئيسي الأعلى، والأخرى إلى مشرف قطاع الشؤون الإدارية والخدمات بصفتهما المسؤلين عن "كرامة العاملين" معهم..
ونذكر الجميع بالمعادلة الرحية التي تقول:
أن رضا الزبون في رضا العامل..
وأن ولاء الزبون في ولاء العامل..

وإلى حديث قادم.. إن شاء الله.
------------------------------------
* الاثنين 2012/06/18م.
** العدد (53/52) الصادر في شهر سبتمبر 2006م.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق