الأربعاء، 15 أغسطس 2012

البطانة الصالحة.. وأصحاب "الطمو..ع"...


عندما تدردش مع زملاء العمل، وخاصةً من الفنيين والعمال العاديين، تتكشف لك الهوة "السحيقة" بين الواقع الذي يعيش فيه هؤلاء، وبين إدارة الشركة العليا، أو نخبة المسؤولين فيها، أو بطانة المفوض العام وحاشيته..
أحدهم قال إن المشرفين يعيشون حالةً من الرعب، ولا يستطيعون ضبط من يعمل معهم أو إلزامهم بالقيام بأي شيء..
وآخر يقول، إن هناك تهديدات لأي مشرف لا يعتمد ورقة العمل في نهاية كل شهر، رغم عدم انضباطية ذلك "المُهدِدْ"..
وثالث ابتدرني بأن رئيسه يطلب منه تأكيد حضوره في ورقة العمل التي قام بتوقيعها كلها، وهو لا يواظب مواظبةً كاملة، بحجة أنه يأتي ولا يجد ما يعمل، فيقوم بجولة تفقدية ثم يغادر العمل..

قمت بجولة في إحدى الورش، فأطلعني الفني على 3 آلات لا تعمل، اثنان منها بسبب خلل في برمجتها، والثالثة بسبب خلل في التعاقد أدى إلى عدم وجود معدات للعمل بها على تلك الآلة..
رابعٌ أبلغني بأن خط درفلة الأسياخ الذي يعمل به لم يتم استلامه رسمياً، لأنه لم ينتهي من الاختبارات، ورغم ذلك فقد بديء في استخدام "تربيش" قطع الخط الآخر الذي لم يركب بعد.
هناك فوضى عارمة، لا يحس بها إلاَّ من يغوص في أعماق أعماق العمل والعاملين..

أما ساكني "المبنى ذي الخمس شُعَبْ" فهم عن "السمع" معزولون، وعن "الرؤية" معميون، وعن "التفكير" مشلولون، وعن "الفعل" ميتون..

البطانة "الطالحة" التي لا همَّ لها إلاَّ الظهور في المجلات والمحافل وهي إلى جانب المسؤول أو المدير، وتقحم نفسها -أحياناً- إقحاماً، لا يمكن أن تضع ذلك المسؤول في صورة الواقع الحقيقية..
إن أصحاب "الطموع" عادةً ما يعبدون ذواتهم، ويستثمرون الأحداث والمواقف لخدمة مصالحهم، فلا يرجى خيرهم ولا يؤمن شرهم..

ويحاول البعض أن يرغمنا على تقبل فكرة ضرورة استئناف الشركة لنشاطها الطبيعي السابق، وكأن شيئاً لم يكن، ويُسوِّق لهذه الفكرة بالدعاية لبعض المشاريع أو الاجراءات الشكلية والسطحية، وكأن الشركة تعيش عصرها الذهبي، ولا تحتاج إلى إعادة تأهيل، إن لم نقل إلى "الإحياء" من جديد..

من يقول "أنه تم التوصل إلى الحلول المناسبة لجل المشاكل والعقبات التي واجهت الشركة خلال مسيرتها الانتاجية"، عليه أن يأتي بالبرهان على صحة هذا الكلام، وإلاَّ فإنه لا يعدو أن يكون من قبيل سيل النفاق والخداع النفسي، الذي اتسمت به الشركة في الفترة الماضية من تاريخها، وتدلل عليه بشهادات زائفة لا تمت إلى الواقع بأدنى صلة.

"الصيانة السنوية" لا يتحدث عنها أحد، فقد أصبح الكلام عنها من "التابوات" المحظورات المحذورات..

والعقلية التدميرية السابقة لم تفارق أدمغة سادتنا وكبراءنا، وهي هي العقلية نفسها التي تُعلي من قيمة "المظاهر" على "الجواهر"، فلا تهم حالة المصانع وبيئتها والعاملين فيها، طالما أن هناك تصريحات تفاخر و "تتحدى" بـدخول الشركة في مرحلة "الانتاج" بكامل قدرتها..
كثيراً ما كانت تؤجل "الصيانة السنوية" لأغراضٍ دعائية، إما لزيارة أو مناسبة أو توجيهات وتعليمات، والجميع يعلم أن القيام بها يحتاج إلى وضع خططٍ وتوفير إمكانيات، وكل ذلك يحتاج إلى وقتٍ طويل..
نقول للبطانة إن كنتم "صالحين" فلا تتركوا إبداء النصح للمسؤولين، ولا تجاملوا على حساب خراب الشركة، ولا ترضوا لأنفسكم أن تتسنموا "كومة" خردة، بل اسعوا إلى تصحيح الأوضاع، والضغط في اتجاه اتخاذ القرارات الصحيحة، تلبسوا بالشجاعة وكونوا خير عون قبل فوات الأوان..
اللهم قد بلغت..
اللهم فاشهد..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق