الثلاثاء، 21 أغسطس 2012

ماذا يحدث في محطة الكهرباء والتحلية؟؟.


في حديثٍ خاص مع أحد الإخوة، تطرقنا إلى صيانة محطة الكهرباء والتحلية (PDP) التي بدأت قبل أحداث حرب التحرير، وأوشكت أن تنتهي أعمال الصيانة فيها بعد انتهاء الحرب، ولكن عدم اتمام أعمال تطهير المحطة من مادة الإسبستوس (Asbestos) "المسرطنة" والمحرمة دولياً، أخَّر ذلك إلى حين إشعارٍ آخر..
والسبب الحقيقي وراء ذلك يرجع إلى الطرق المتخلفة في التعاقد، والتي لا زالت مستمرة إلى الآن، لأن المسؤولين لا زالوا بعقليتهم المتكلسة السابقة، يلتزمون بأنظمة وإجراءات أكثر تخلفاً..
وقد قدمت الشركات عروضاً متكاملة تشتمل على أعمال تنظيف وتطهير المحطة من مادة "الإسبستوس"، ولكن إدارة الشركة رفضت تلك العروض بحجة ارتفاع التكلفة، ضاربةً عرض الحائط بما يمكن أن يترتب عليه من تأخير وخسائر، وحدوث خلل في التعاقدات الفردية الغير متكاملة، كما حدث لمشاريع عديدة بالشركة..

تم التعاقد مع ثلاثة شركات لصيانة المحطة سنة 2007م.، رغم أن كراسة العروض بديء في إعدادها منذ سنة 2004م.
وهذا ما حدث بالفعل، حيث قامت الشركة بمخاطبات تحصلت منها على عرض عن طريق وسيط محلي، وبدأ العمل بالفعل بعد التعاقد مع الشركة المختصة سنة 2010م.، وأصدرت شهادات بخلو المواقع التي تم تطهيرها وفحصها من مادة الإسبستوس، ولكن الحرب أوقفت أعمال التطهير، وعندما أرادت الشركة مواصلة عملها اشترطت البدء في تعاقد جديد، حيث تم اكتشاف بؤر لمادة الإسبستوس، رغم أن الشهادات صالحة حتى سنة 2016م.، وهنا توقفت الأعمال وبدأت الأطراف في البحث عن حل.
إلى الآن والعمل متوقف، ولم تأتي الشركات لاستكمال الصيانة، متحججة بعدم وجود تصاريخ بخلو المواقع من مادة الإسبستوس..
كل هذا الكلام عن صيانة وحدتين (Units) فقط من ستة وحدات بحاجة إلى صيانة، وحسب المعلومات المستفادة من المختصين، فإن المحطة بحاجة إلى صيانة كاملة (عمرة) كل (32,000) ساعة عمل، وهي الآن تفوق (100,000) ساعة عمل، أي أكثر من ثلاثة أضعاف المعيار المحدد، مما سيؤثر -بل بالفعل أثر- على أداء هذه الوحدات، ويقال أن إحدى الغلايات (Boilers) قد تعرضت لأضرار تستوجب استبدال الكثير من  أجزاءها، بسبب تأخر صيانتها..
كل هذا بسبب قرارات خاطئة متخلفة، لا تعير أي اهتمام لأصول الشركة (Assets) القائمة عليها، بل كل همها توفير التكاليف لتهدر في أمور أخرى تافهة أغلبها نتيجة قرارات خاطئة كذلك..
إحدى هذه النوادر ما حدث للمضخات (Pumps) التي يتوقف عليها عمل الغلايات، حيث استلزم الأمر استبدال إحداها على وجه السرعة، فما كان من مسؤولي المحطة إلاَّ أن بحثوا عن أسرع الحلول وأقربها واقعية وعملية، وتكفل مندوب محلي لإحدى الشركات العالمية بتوفير المضخة كاملة مع قطع غيارها في ظرف أسبوع، ولكن بعد إحالة الطلبية إلى إدارة المشتريات -أحد أهم أركان التخلف بالشركة- أدخلت الطلبية إلى آلة الروتين القاتل الرهيبة، فتم مخاطبة الشركات من جديد حتى وصلت إلى مرحلة التعاقد مع إحداها، بعد أن استبعدت الجهة المقترحة لفارق التكلفة، ولم يتم استلام المضخة حتى الآن رغم مضي حوالي ثلاثة شهور على التعاقد..
الفرق بين العرضين حوالي 1500 دينار أو يورو أو دولار فقط، والمدة في العرض الأول -الخارج عن الروتين- أسبوع واحد فقط، بل إن التسليم لا يشترط الدفع مقدماً..
فهل هذه عقلية يمكن أن تُسَيِّر شركة كشركتنا.؟؟؟..
كم من ملايين ضاعت وأهدرت بسبب مثل هذه التصرفات المشينة، والتي لا تليق بشركة تدعي أن لها مكانة بين الشركات الإقليمية.!!..
كان الدكتور أحمد شمبش قد أخبرنا ذات دورة تدريبية، أن أحد مدراء شركة سعودية كان يحضر معه مؤتمراً في البرازيل في بداية تسعينيات القرن الماضي، فأتاه اتصال من شركته يخبره بحاجتهم إلى قطع غيار ومواد، فما كان منه - وهو في بهو الفندق- إلا أن فتح جهاز الحاسوب الشخصي، وأعد طلبية وأرسلها عبر الشبكة العالمية إلى الشركة المختصة، وهكذا أنهى المعاملة في دقائق معدودة من وراء البحار والمحيطات.
فهل كتب على الشركة أن "تُخَرَّدْ" بما فيها من بشر؟؟..
هذا مثال على العقلية المغلقة لتسير بالشركة في طريق الدمار، بالإصرار على مواصلة التشغيل والانتاج مهما كلف ذلك، رغم تنبيه مشرف قطاع الانتاج المكلف في مذكرته التي أفردنا لها موضوع (لا كرامة لنبيِّ في وطنه!!) من هذه الصفحة..
كانوا في السابق يحرصون على استمرار التشغيل في أصعب الظروف وبأقل الإمكانيات، حتى ينالوا رضى "الرميم التالف" فما هو المبرر اليوم؟؟..
ولكن..
في غياب الحساب.. يصبح كل شيءٍ مستباح..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق