الاثنين، 21 مايو 2012

النموذج "العتي".. شاهدٌ على عصر "غبي"..(2).


استكمالاً للحلقة الماضية، ذهبت صباح اليوم التالي إلى العمل، وبدأت مشواري بإدارة التخزين ومراقبة المواد، تحصلت على التوقيع دون امهال، بعد أن جادلت المدير في قيمة تهميشة مخزن القرطاسية.ثم ذهبت إلى قسم التصاريح والأمن.. 
دخلت على رئيس القسم -الجديد-، وقدمت له النموذج، طلب مني التصريح السابق.. فقلت له أن التصريح ضائع، قال لي اذهب إلى أحد المكاتب واحضر نموذج "بلاغ عن فقدان تصريح"..
 أحضرته وملأت البيانات المطلوبة، ثم قدمته إليه. 
قام بتوقيع خانتين، وظننت أن الأمر سهل جداً ومنيت نفسي بانتهاء الشقاء.. 
ضرب بأصابعه على النموذج، وقال لي يجب أن تحضر صورتين ثم تذهب بالنموذج إلى أحد أقسام الشرطة بالخارج للتبليغ، ثم تأتينا به لنكمل لك الإجراء.

طبعاً.. أصبت بإحباط شديد، إلى درجة اليأس..
لأن الموضوع كله إنهاء خدمة، وليس ندباً أو انتقالاً أو غير ذلك، ولا يحتاج الأمر إلى إصدار تصريح بديل حتى يطلب الصور أو يتم البلاغ عن فقد التصريح السابق..!!.
خرجت مغاضباً.. وأنا أتمم بأن "القذافي" لم يمت ولا يزال يعشعش في عقول الملايين فعلاً..
قلت لنفسي يجب أن أسرع لاستكمال بقية متطلبات هذا النموذج، فأنا في صراعٍ عنيفٍ مع الزمن ومع لوائح وإجراءات متخلفة ومعيقة..
توجهت إلى إدارة النقل، حيث طلب مني مدير الإدارة أخذ تهميشة من رئيس القسم، فقمت بذلك، وحصلت على التوقيعة أخيراً.
وللحصول على التوقيعات العنيدة والممتنعة المتبقية، اضطررت إلى استعمال الطرق الجانبية الفرعية، والتي اتضح لي بها أن كل ما ورد في النموذج لا يستحق كل هذه المعاناة..
ذهبت بعدها إلى المبنى الإداري الفخيم، وتوجهت رأساً إلى رئيس قسم معلومات الأفراد، بعد السؤال عن مكتبه..
دخلت عليه، ولم أعرفه حتى دلني أحد الموظفين..
كان مشغولاً مع أحد العاملين، فانتظرته.. ودخل مدير الإدارة على الخط، فلم أشأ إزعاجهم حتى انتهوا..
قدمت إليه النموذج، فقال لي يجب أن تراجع أحد الموظفين ذكر لي اسمه، وبشرني بأنه قد خرج وليس موجوداً الآن -حينها-، فأيست وعدت أدراجي..
اتصلت بصاحب النموذج، وطلبت منه أن يحضر لاستكماله بنفسه..
من غرائب هذا النموذج "العتي" كثرة التهميشات المصاحبة لكل توقيع أصلي تقريباً..
والنموذج موسوم برقم "الآيزو" في ذيله، مما يجعل تلك التهميشات نقاطاً سلبية توجب أمراً تصحيحياً..
وأنا أقترح على المفكر العبقري الذي أشار أو صمم هذا النموذج أن يجري تجربة "كدراسة حالة" يقوم فيها بتحصيل كل التوقيعات والتهميشات ويسجل الوقت الذي يستغرقه والمسافات التي يقطعها وكمية البنزين الذي يستهلكه، ليرى بنفسه حجم المأساة والهدر، وأضيف إليها الاطاحة بالكرامة الانسانية لتسول التوقيعات والتهميشات والانتظار على أبواب السادة المدراء، والمجهود البدني والعضلي الذي استنفذ في أمور تافهة.
لمثل هذا يموت القلب من كمدٍ..
فكم من لوائح وإجراءات تستوجب اجتثاتها من جذورها..
ولعلها تكون آخر العذابات..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق