السبت، 19 مايو 2012

النموذج "العتي".. شاهدٌ على عصرٍ "غبي"..(1)


في هذا اليوم السبت 19 مايو 2012م. دخل علينا أحد الشباب يسأل عن مدير إدارة المخازن، قلنا له ليس هذا مكانه، ولكن لماذا تسأل؟. فأخرج نموذج "إخلاء طرف" وليس به إلا توقيعة واحدة هي توقيعة مدير إدارة التدريب المكلف، وقال إنه يريد أن يترك العمل بالشركة، وطلب منه استيفاء توقيعات النموذج ..
تألمت لحال الفتى، وقلت له أنك في بداية طريق العذاب. خرجت من المبنى لأدله على مكان إدارة التخزين ومراقبة المواد، ولكنه طلب مني أن أذهب معهم -هو وصديقه- في السيارة، لم أمانع.. وفي الطريق قلت له لنمر على إدارة الصيانة الكهربائية والإلكترونية أولاً فهي في طريقنا، صعدنا سلم الإدارة المذكورة، فقابلنا أحد العاملين وبسؤاله قال لنا أنه يجب انتظار الموظف الذي يعمل على المنظومة ليحدد ما إذا كان على الفتى التزامات للإدارة، ثم يهمش على النموذج وبعدها يمكن لمدير الإدارة أن يوقع، وأردف بأن ذلك الشخص والمدير ليسا موجودين الآن.!!!.
رضينا بقضاء الله فينا، ونزلنا أدراجنا، وعندما هممنا بركوب السيارة، فوجئنا بمدير الإدارة قادم، فاستوقفناه وأعطيناه النموذج، وعلى الفور أخرج قلمه ووقع.. فشكرته على هذه الشجاعة، وهنأت الفتى على حظه..

ثم ذهبنا إلى إدارة تخطيط الصيانة، فوجدنا المدير الذي استقبلنا هاشاً وباشاً، ولم يشأ تأخيرنا فوقع النموذج، وشكرته كذلك على حسن الاستقبال والبشاشة..
نزلنا إلى مدير إدارة التخزين فلم نجده، ودخلنا على أحد رؤساء الأقسام، وطلبت منه التوقيع نيابة عن المدير، فامتنع واعتذر، وخرجت أرغي وأزبد وأقول إن الشركة بحاجة إلى رجال وفرسان..
وهذه أول خسارة تحققت في النموذج الرهيب المرعب..
ذهبنا بعدها إلى إدارة الصيانة الميكانيكية، وفرحنا بوجود المدير (المكلف) الذي لم يؤخرنا كثيراً رغم انشغاله، فشكرته ودعوة لوالديه بالرحمة.. وحمدت الله وتفاءلت خيراً..
خرجنا وطلبت من الفتى أن يترك النموذج عندي فالمشوار طويل جداً جداً، فتمنع ثم قبل وترك النموذج على أن أتصل به متى انتهيت من جمع كل التواقيع..
أخذت سيارتي وذهبت مسرعاً إلى إدارة النظم والاتصالات، فلم أجد المدير ولكن أحد الأشخاص، ويبدو أنه رئيس قسم، طلب من أحد الموظفين اتخاذ الاجراء اللازم، بمراجعة المنظومة وأشر فوق خانة التوقيع، وطلب مني أن أذهب إلى الاتصالات لأحصل على تأشيرة أخرى، وقبل هذا سألته عن إدارة الوقاية الصناعية، فقال إنها في الطابق الأعلى، صعدت السلم وسألت عن المدير فقال أحدهم إنه خرج لتوه..
نزلت السلم وذهبت إلى قسم الاتصالات، ولكني لم أجد الموظف المسؤول عن التهميش أو التأشير..
أخذت السيارة وذهبت إلى المبنى الإداري، اخترقت البوابة دون أن أخفض السرعة حتى لا يستوقفني أحد، ركنت السيارة أمام واجهة المبنى الفخم، ثم دلفت داخله..
بدأت بقسم الشؤون الإدارية، صعدت من أسفل إلى فوق، ومشيت في الممر الطويل حتى آخره، وفرحت بوجود رئيس القسم الذي وقع على الفور، وسألته عن الإدارة المالية وقسم التصاريح والأمن، ثم تركته مودعاً..
ذهبت إلى الإدارة المالية في الدور الأول، ولكني لم أجد المقصود، فسألت أحد المارة فدلني على الدور الأرضي. نزلت إلى الممر وأخذت أقطعه جيئة وذهاباً، مرَّ أمامي أحد الموظفين لم يكلف نفسه حتى إلقاء السلام عليَّ، وكأنني حيوانٌ أعجمي، حتى أنني شككت في نفسي، فقد اعتقدت أنه آتٍ من بيت الله، وتوقعت أن تكون التحية شاملة للرحمة والبركة، خاصة وأن الشيب قد مسح بوقاره أغلب رأسه..
ونبهني أحد الموظفين إلى أنه وقت صلاة الظهر والجميع في المسجد. انتظرت في بهو المبنى، حتى سمعت جلبة المارة العائدين من المسجد، سألت أحدهم عن مدير الإدارة المالية فقال لي يجب عليك أن تحصل على تأشيرة رئيس قسم المرتبات ورئيس قسم ال.....لا أذكره..
لم أجد رئيس قسم المرتبات، فدخلت للمكتب المقابل له كما نصحوني، وتحصلت على توقيعة رئيس قسم المدفوعات -أظنه-، ثم أخذني أحد الموظفين إلى مكتب رئيس قسم المرتبات،  حيث قام موظف باستيفاء الإجراء المطلوب نيابة عنه، ثم ذهبت إلى مدير الإدارة المالية، حيث قام مشكوراً بالتوقيع.
سألت عن إدارة الخدمات والإسكان فدلوني عليها، أخذت السيارة وبسرعة دخلت المبنى، وسألت عن الهدف، ولجت الباب الخلفي فاستقبلني المدير بابتسامة وأدب وطلب مني أن أستوفي تهميشة أحد موظفي المنظومة، وهكذا كان، حيث عدت إلى المدير، وعن طريق السكرتيرة أكملت المشوار، شكرت الجميع وخرجت.
أخذت السيارة وبسرعة اخترقت البوابتين المتقابلتين، بوابة الميناء والبوابة رقم (3)، ذهبت رأساً إلى قسم التصاريح والأمن، ولكني لم أجده، وطلب مني أحد الموظفين أن أحضر التصريح السابق..
قلت في نفسي لأدرك إدارة النقل قبل أن تنتقل، دخلت الإدارة وسألت عن المدير، الذي طلب مني استيفاء المطلوب من رئيس قسم النقل، بعدها قام المدير بالتوقيع، وأشهد أنه رجلٌ مهذب.
عدت أدراجي إلى مكاني الذي انطلقت منه، وهناك استكملت تهميشة وتوقيعة، حاولت أن أتصل بأحد المدراء، ولكن دون جدوى، ووكلت أمري إلى الله..
غادرت الشركة وعدت إلى البيت، وفي المساء اتصلت بأحد المدراء، وطلبت منه -إن كان قريباً من منزلي- أن يأتيني حتى يوقع إحدى التوقيعات المتبقية لأكفيه عناء التوقيع في اليوم التالي وتوفيراً للوقت والجهد وتكلفة البنزين وتلوث البيئة ومخاطر الطريق..
وفعلاً أتى المدير على خلفية صداقة وثيقة، ووقع النموذج، وتقلصت مساحة التوقيعات والتهميشات، ولم يتبقى إلاَّ (7) توقيعات إن سلمت من التهميشات.
(19) + (7) + (2 ملغية) = (28) توقيعة وتهميشة، هي محصول هذا النموذج "الأشعت" "الأغبر" الذي لا يؤبه له..!!!. هل يعقل أن يحدث هذا في القرن الواحد والعشرين؟؟..
الذي فاتني أنني لم أراقب عداد السيارة، ولم أركب عداداً في قدمي حتى أفيدكم بالمسافات المتوجب قطعها لاستيفاء توقيعات هذا النموذج "العتي"..
لقد سبق وأن واجهت هذا "العتي" في مرة سابقة، ولكنني فضلت الإنسحاب على المنازلة، حتى لا يحدث لي ما لا يحمد عقباه ولا أستكمل متطلباته..
في تلك المرة، قلت لأحد المسؤولين لماذا لا تكون لديكم منظومة تعرفون بها التزامات العاملين تجاه الشركة، حتى لا ترهقوهم بهذا العناء..؟؟. ولم يجبني..
ولكن أحد العاملين أخبرني أن فكرة المنظومة كانت موجودة ولكنها غير مفعلة..
وحتى لو كانت المنظومة غير موجودة أصلاً، لماذا لا يتم التعامل مع الملف الشخصي رأساً، بحيث توضع فيه نسخة من التزامات الموظف تجاه الشركة، وبهذا يمكن إنهاء الاجراءات في مكان واحد، وبأسرع ما يمكن..
هذا النموذج "نموذج" للبيروقراطية في أبشع معانيها..
فمتى يصلها قطار "فبراير"..

هناك 4 تعليقات:

  1. بعد أن مر علي اسبوعين في لاهور غير بعيد... جاءني البشير بالخبر السعيد.
    ********************
    اذكر في يوم 14 نوفمبر 2003م قدمت نموذج لاجازة بدون مرتب لشهرين (ديسمبر 2003 ويناير 2004) لغرض مرافقة خالي (رحمه الله) لزراعة كلية بالباكستان، اقنرب نهاية شهر نوفمبر ولم تأتي الموافقة على الإجازة من ابوعجيلة أنذاك وبدأت الاجازة دون ان اتم الموافقة ولا ادري ما السبب.
    تحصلنا على التأشيرة وتذكرة الطيران وذهبنا للباكستان عبر قطر يوم 24 ديسمبر 2003، وبعد حوالي اسبوعين من اقامتنا بمدينة لاهور اتصل بي صديق وهو يبشرني بأنه قد اتم لي العقبة التي حالت دون تمرير النموذج ومن تم الاجازة، فقد كان العبد لله قد حمل على عاتقه في خطوة جريئة عهدة شخصية لزردية (بينسة) وياليتها واحدة فقد كانت خمسة قطع 5pcs مرة واحدة وكان ذلك في سنة 2000م.
    قال لي صديقي أنه نقل عهدة هذه المعدات لمسؤوليته، حتى تعرف شركتنا الرشيدة من تحاسب عن هذه المعدات الخطيرة وغالية التكلفة فقد يصل سعرها 15000 درهم ليبي (5 × 3000 درهم)

    ردحذف
    الردود
    1. شكراً على متابعتك للمدونة أخي عزالدين، وأشكرك على تعليقاتك القيمة..
      موضوع العهد يحتاج إلى مقالة متفردة، سأحاول أن أعدها مستقبلاً إن شاء الله..
      أما النموذج "العتي" فلم تنتهي قصته بعد..
      فللموضوع بقية..
      تحياتي.

      حذف
  2. نموذج اخلاء الطرف هذا يتبع في نظام شركتنا لكلاً من يريد أن يستقيل أو ينتقل من الشركة أو من يريد الحصول على اجازة بدون مرتب، وهذا ما حدث معي... رحلة عذاب والهدف سراب.

    ردحذف
    الردود
    1. بإمكان منظومة يكون مركزها قسم معلومات الأفراد أن تحل جميع إجراءات شؤون الأفراد من شباك واحد.. ولكن لن يستطيع أحد أن يتطاول أو ينتفخ أو يتفرعن..؟؟.. يضيع البريستيج...........

      حذف