الاثنين، 3 سبتمبر 2012

بين حنان الوزير..وحزم المفوض العام..


رسالتان متناقضتان:
الرسالة الأولى:
التاريخ: 2012/07/18م.
السيد المفوض العام..
للشركة الليبية للحديد والصلب..
بعد التحية ،،،
بهذا نأمل منكم إحالة قائمة بأسماء موظفي الشركة الليبية للحديد والصلب الذين لم يتقاضوا مرتباتهم خلال الفترة من 2012/02/17م.، وحتى تاريخه شاملاً إجمالي قيمة المرتب لكل موظف، عدد الأشهر التي لم يتم صرفها.
نأمل سرعة الإجراء، الأمر في غاية الأهمية..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
د. محمود أحمد الفطيسي
وزير الصناعة
صورة إلى:
السيد وكيل الوزارة.
السيد مدير إدارة الشؤون الإدارية بالوزارة.
السيد مدير مكتب المتابعة.
السيد المراقب المالي.
السيد مدير مكتب شؤون الديوان.
الملف الدوري العام.


..................................................................................
الرسالة الثانية:
التاريخ: 2012/08/25م.
السادة : المخولين باعتماد أوراق الحضور والانصراف الخاصة بالعاملين بالشركة.
بعد التحية،،
تأكيداً على تعليماتنا السابقة بشأن ربط صرف مرتبات العاملين بأوراق الحضور والانصراف الآلية.
عليه ،،،،، يطلب إليكم عدم اعتماد أية ورقة حضور وانصراف آلية خالية من ختم المنظومة الآلية (منظومة الدخول بالبوابات أو منظومة البصمة).
وبناءً على ذلك فإنه لن يُعتد بأية ورقة حضور وانصراف آلية خالية من ختم إحدى المنظومتين سالفتي الذكر وذلك في إطار العمل بلوائح ونظم الشركة.
لأهمية الموضوع يطلب التقيد والالتزام بما ورد في هذا الكتاب.
والســــــــ (عليكم ) ـــــــــــــلام
د. محمد عبد الملك الفقيه
المفوض العام
صورة إلى:
مشرفي القطاعات.
مدير إدارة المراجعة.
ملف الصادر - للحفظ.
--------------------------------------------------------------------
الرسالتان تتعلقان بمرتبات (الموظفين) العاملين..
الأولى من السيد وزير الصناعة، والثانية من السيد مفوض عام الشركة الليبية للحديد والصلب..
الأولى تشير إلى تاريخ (2012/02/17م.) وهو تاريخ لا يجهله الليبيون..
الأولى تطلب إحالة قائمة بأسماء موظفي الشركة الذين لم يتقاضوا مرتباتهم.
والثانية تطلب عدم اعتماد أية ورقة حضور وانصراف آلية خالية من ختم المنظومة الآلية.
كلاهما تضع الموضوع (في غاية الأهمية)..
وكلاهما يأتيان في سلسلة رسائل بنفس المعنى وبذات الموضوع لكل منهما..
من ثنايا الرسالة الأولى تتلمس روح الرعاية والعطف والحنان.
ومن بين ركام الرسالة الثانية تفوح رائحة العناد وعقلية (اضرب الحمار المربوط).
الفرق..
في تاريخ الرسالتين، فالمدة بينهما حوالي (شهر) يتذكر فيه من تذكر..
والتعتيم الشديد على الأولى، ونشر الثانية وإبرازها..
إن هذا الصراع الافتراضي بين جهةٍ تكافيء النائمين في بيوتهم وتحن عليهم وتتلطف بهم، وبين جهة تكافيء العاملين الكادحين "حقيقةً" باشتراط الانصياع والخضوع لمشيئة المفوض العام، بدعوى تفعيل أنظمة العمل والتشغيل لقصدٍ خفي، يضع كلا الجهتين على جبهتين متحالفتين ضد العاملين الفعليين بالشركة، حتى إن المتتبع لقرارات ومخاطبات الجهتين يشعر بأنها تكاد تنطق بذلك..
نحن لا نفهم من إصرار وعناد المفوض العام للشركة على "تهديد" العاملين بمرتباتهم، في هذه المرحلة "الحرجة" و"الخطيرة" بالذات، سوى شيئاً واحداً حاول أن ينجزه مشرف قطاع الشؤون الإدارية والخدمات، وفشل فيه واصطدم بيقظة العاملين للغرض الذي كشفه في رسالته، ولم يخفيه وراء أعذار وتبريرات أخرى كما يفعل المفوض العام..
إن لم يكن المفوض العام يدرك ويعي ويحس بما يدور، فإننا نرى في الأفقِ ناراً تحت الرماد يوشك أن يكون لها ضِرام..
وهنا فإننا نلقي باللائمة على المسؤولين الذين يتلقون التعليمات وهم صامتين خانعين، لا يتحملون مسؤولية مرؤوسيهم ولا يدافعون عنهم، وتركوهم كالأيتام على موائد اللئام، يواجهون مصيرهم مع قوة تتمترس خلف شرعية موهومة، وتتصرف بعنجهية وعناد، بل إنهم أعملوا جهدهم واجتهادهم في إخفاء رسالة الوزير، وقد نجحوا في ذلك إلى حين..
هؤلاء المسؤولين الذين يعلمون من يعمل ومن الذي لا يعمل بحق، ويساوون بين الطرفين رغبةً ورهبة، فقدوا أهلية مناصبهم التي أوكلت إليهم، فلم يحركوا ساكناً أو يقفوا موقفاً مشرفاً تضامناً مع التابعين لهم، قد أذلهم الكرسي وأعمى أبصارهم ..
إن عدم الالتزام بتعليمات المفوض العام أو مخالفة أنظمة العمل بالشركة، لا يعطيه وغيره حق إيقاف المرتبات أو تعطيلها، لأن المخالفات لها عقوباتٍ منصوصٍ عليها، لا تخرج عن:
1- الانذار.
2- الخصم من المرتب.
3- الحرمان من الزيادة السنوية.
4- الإيقاف عن "العمل" مع الحرمان من المرتب.
5- إنهاء الخدمة.
كما ورد في لائحة الجزاءات المعتمدة بقرار رقم (01) لسنة 2008م. الصادر عن الجمعية العمومية للشركة، والتي تنص على:
(القسم الثاني: مخالفات تتعلق بالحضور إلى العمل والتواجد فيه: البند : (ثالثاً) الفقرة (أ) عدم الالتزام بالتوقيع في أوراق الحضور والانصراف. وعقوبتها الأولى (إنذار) والثانية (خصم يومين) والثالثة (خصم 5 أيام) والرابعة (خصم أسبوع) والخامسة (خصم 10 أيام) والسادسة (الإحالة إلى مجلس التأديب لتقرير العقوبة المناسبة)..).
وهو "نصٌّ" على "التوقيع" اليدوي وليس الإلكتروني، حيث لم يكن حينها -وقت إعداد اللائحة- هناك إلزامٌ باستعمال الأجهزة الإلكترونية، رغم أن الشركة قد جُهزتْ بساعات التوقيت التي تستعمل البطاقات في تسجيل الحضور والانصراف منذ إنشاءها..
نحن هنا أمام عقليات فقدت حسن التصرف في إدارة الأزمة، وأوشكنا أن نعتقد بافتعالها لهذه الأزمة خدمةً لأغراض أخرى، لا نظن أن نتائجها ستكون في صالح الجهة التي تراهن عليها، في سبيل الحفاظ على المناصب والمكاسب، التي ورثها البعض من "الفوضى السابقة"، بافتعال الأزمات والمواجهات مع العاملين، وصرف الأنظار عن مصالح الشركة العليا، وهو كفيلٌ بأن يزيل ويكشط هذه الشلة المنتفعة والمتنفذة، التي سولت لها أنفسها أنها هي وحدها مبعوثة العناية الإلهية، وأنه لا قيام للشركة بدونها، وأن مناصبها هي حقٌ أبديٌ لا ينبغي لأحدٍ من بعدها، وأنها من طبقةٍ لا يجوز أن تختلط بها أو تتساوى معها بقية الطبقات..
رحم الله زماناً -نهاية ستينيات القرن الماضي- كنا نرى فيه "رجالاً" يشرفون على العاملين، ويسجلون حضورهم ببطاقة واحدة، ينادي فيها المشرف "الكابو" على عماله ويؤشر أمام اسم كلٍ منهم، فلا توقيع ولا قارئة ولا بصمة، بل ثقة متبادلة بين الأطراف كلها، العامل ورب العمل والمشرف، فالعبرة عندهم بالأعمال المنجزة، لا الأجساد المحجوزة ..
وبين حنان الوزير وتضييق المفوض العام، ننتظر تراجع هذا "الأخير" كعادته، التي لم يجد لها علاجاً..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق