الجمعة، 22 فبراير 2013

نبض المصنع.. المزاد.. بئس الزاد..


التقيناه صدفةً ونحن نجول في أحد أركان المصنع، كان أحد الزملاء المؤسسين وكان يمتاز ولا زال بالجدية والانضباط، كنا قبله نتحدث عن الأعمال التي تجري في منطقة التشطيبات النهائية، والتي أزيلت منها حصيرة تجميع القطاعات الصغيرة في خطي درفلة القضبان..
تدخل زميلنا وحدثنا عن تلك "الكارثة" كما أسماها، وكيف أن المعدات التي تم بيعها بالمزاد كانت تحتوي على عددٍ من المحركات الكهربائية والإسطوانات الهوائية والهيدروليكية، والتي يحتاج إليها في أماكن أخرى من المصنع..
وتسآءل عن صاحب قرار التخلص من تلك المعدات، وما الباعث على ذلك؟؟..
هل هو حاجة الشركة إلى المال؟..

ولكن المعدات بيعت بثمنٍ بخسٍ جداً..
هل هو الحاجة إلى ساحة عمل إضافية؟؟..
فلماذا لم يتم استغلال أماكنها منذ سنواتٍ طويلة؟؟..
نرجو أن يُماط اللثام عن هذا اللغز في الأجيال القادمة..
آخر أخبار تلك المعدات، أنه تم تقطيع أجزاء منها وبيعت للشركة على أنها خردة، لأن بقية المحركات والاسطوانات هي التي كانت المقصودة بتلك الصفقة "اللغز"؟!...
ثم تطرق صاحبنا إلى مناولة المعدات بالروافع العلوية، وكيف أنها تنقل من خط الدرفلة مروراً على حصيرة التبريد وباقي المعدات، وكيف أن ذلك يشكل خطورة كبيرة، وقد حدث أن سقط قائمٌ للدرفلة بعد أن انقطع حبل المناولة، ولكن الله لطف وسقط القائم على أرضية المصنع دون أن يُصاب أحد، فما بالك إذا أقيمت مكاتب ومُصلى في طريق مرور هذه الروافع..!!....
الغريب أن إدارة المصنع تصر على طرق المناولة المخالفة لكل معايير السلامة والعقل والمنطق..
ثم أشار لنا إلى إحدى الروافع العلوية، حيث يوجد بها انحراف في جهاز الرفع "Hoisting device"، وقال أن سبب هذا العطب هو استعمال الرافعة في تركيب القوائم بخط الدرفلة، حيث يتم استعمال قائم ليضرب به قائمٌ آخر!!!!!، في صورة أقل ما يقال عنها أنها "أم الجهل" بل "أم التخلف"، وقد شاهدت ذلك بـ"أم عيني"، علماً بأن هذا كله كان يحدث بعلم وموافقة ومباركة أحد أركان الإدارة العليا بالشركة الآن..
واستطردَ قائلاً.. عالجنا العطب بلحام هذه المعدة ولا زالت منحرفة..
تركنا صاحبنا وهو يتحسر ويكاد "تخنقه العبرة"..
في هذه الأيام أيضاً، يتم تداول الحديث عن معدة جديدة، والتي تم إدراج تركيبها ضمن مشاريع الميزانية التقديرية لسنة 2013م.، ويزمع "فطاحل" الدرفلة الطولية إدخالها بعد أن تخلصوا من "المقص البندولي-Pendulum shear"، الذي بيع بأبخس الأثمان في المزاد العلني، بعد أن فشلوا في صيانته، وكنا قد تحدثنا عن هذه المهزلة العابثة، وذكرنا أن هذه المعدات لا زالت موجودة لدى أحد تجار الخردة بطريق النقل الثقيل..
المُعِدَّةِ الجديدة هي مُعِدَّةِ "إزالة القشور" أو "Discaler"، والتي كانت أحد الخيارات أمام معدي عقد المصنع الأصلي، فقد كان الخيار بينها وبين "المقص البندولي" كما قيل، وتم التوافق على تغليب الميزات الاقتصادية للمقص البندولي..
المعدة الجديدة لن يكون مصيرها بأفضل من سابقتها، لأن المشكلة ليست في المعدات ذاتها، بل في عقول من نُكِبَتْ بهم هذه المعدات والذين لا زالوا في مناصبهم..
ونود أن نُذَكِّرَ إدارة الشركة بأن آلات التقويم والقطع "Straightening and cutting equipment" ، التي تمت إزالتها منذ فترة طويلة، لا تزال قابعة في إحدى زوايا الشركة، تأكلها سبخة الأرض وعوامل التعرية والأتربة وتشكو إلى الله ظلم العباد، ونعتقد أنها قد استكفت شروط تخريدها واعتبارها من سقط المتاع، فلزم أن تدرج في أول مزادٍ قادم لتباع لأحد المحظوظين، وتلحق بأخواتها السابقات اللائي كُتب عليهن الشقاء..
فهذه الآلات الثلاث التي كانت تشكل قمة التقنية الألمانية، حظيت بتقدير ذوو المعالي والمتحضرين عندنا، فكان نصيبها أن يلقى بها في غيابات السبخة المكشوفة، فكان حالها كحال الأيتام على موائد اللئام، حيث تفترش التراب وتلتحف السماء وتعاني من تقلبات الطقس على مر السنين..
فهل سَيُحَاسَبْ هؤلاء؟؟...
أم أنهم سيفلتون، بل لعلهم يصبحون أبطال الابداع والاختراع؟؟!!..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق