الأربعاء، 18 يوليو 2012

مَجْمَعُ الجَهَلَة..

كنا نعتقد أنَّ مسلسل الدمار والخراب سينتهي بنهاية "المدمر"، ولكن تبين أنه قد نجح في تشويه خلايا التفكير عند أغلب الليبيين، وخاصةً المسؤولين الذين استبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير، فاختاروا الدنية والمصلحة الذاتية، على تقدم البلاد وصلاح العباد..
نقول هذا عن بينةٍ، ونحن نلمس بأيدينا ونرى بأعيننا هذا "الشبق" الغريب لتشويه كل ما هو جميل، وتخريب كل ما هو حضاري.
الحمامات والمراحيض..
هذه القصة التي بدأت منذ أيام التنفيذ، حيث حدث صراعٌ بين أن تكون مقاعد المراحيض على الطراز "الشرقي"، أو على الطراز "الغربي"، وقد كانت الغلبة للطراز "الغربي" لأنه يجسد التطور الحضاري الإنساني، وكان خياراً صائباً لا شك..
ورغم هذا فقد "طُعِّمَتْ" بعض المراحيض بمقاعد من الطراز "الشرقي"، إحتراماً للرأي الآخر وتجنباً لحدوث مشاكل "مرحاضية" غير متوقعة..
وبعد افتتاح الشركة وبدء التشغيل التجاري، برزت المشكلة الخفية على غير موعد. فقد رفضت الغالبية الساحقة من العاملين مقاعد الطراز الغربي، وعبَّرَتْ عن ذلك بـ"ابتداع" جلسة بهلوانية خطيرة على المقعد "الإفرنجي"، وذلك بوضع العاملين "أقدامهم" على محل جلوسهم، وعَبَّرَ آخرون عن استياءهم بتكسير بعض تلك المقاعد الإفرنجية..
لقد نسي القائمون على مراجعة التصميمات الأولية، والمشرفون على متابعة التنفيذ، أن ثقافة المجتمع مخالفة لتصميمات المقاولين الأجانب، وأن عليهم أن يغيروا هذه الثقافة أولاً، بعقد دورات توعوية بمزايا وخصائص المراحيض الإفرنجية، وكيفية استعمالها الصحيح وطرق صيانتها والمحافظة على نظافتها..
حدثت مشاكل كثيرة بسبب عدم اعتبار العقلية الليبية عند وضع التصميمات واختيار "الوضعيات"، حتى أضطر العاملون أنفسهم إلى تغيير تلك المقاعد بمجهوداتهم الذاتية في أغلب الأحيان، لأنهم يبحثون عن راحتهم في "قضاء حاجتهم" البشرية، وهي ضرورة لم يتنبه لها المسؤولون، بل لم يكونوا يهتمون لها رغم علمهم بمعاناة العاملين القاسية، حتى أن أحد المدراء العامين قال في اجتماعٍ لإدارته -وقد طرحت مشكلة المراحيض "المسدودة"-، فلتحضروا لهم شاحنة من الطابوق "البومشي" ودعوهم يبنوا مراحيضهم بأنفسهم.!!.
كان ينبغي على إدارة الشركة أن تدرك أن ثقافة المجتمع بحاجة إلى التغيير "أولاً"، وأن العاملين هم أولى بالعناية من المعدات والآلات، وأنَّ هذا التغيير يحتاج إلى وضع خطط واستراتيجيات، ويحتاج إلى "وقتٍ" وإمكانيات وقبلهما صالح "النيات"، ولكن ما حدث هو العكس، حيث تركت الحبل على الغارب، ليعبث العاملون بتلك المراحيض التي شُيِّدَتْ على أحدث طراز في وقتها، فانقلبت تلك المراحيض "العصرية" الأنيقة النظيفة، إلى "كنائف" -جمع كنيف- قبيحة قذرة، يذكرك مشهدها بعصورٍ متخلفة من التاريخ البشري..
بعد التخلص من "الرميم الهالك" تفاءلنا خيراً، وقلنا أن العقبة "الكؤود" قد أزيلت من طريق التحضر والتمدن، الذي يجب أن يكون عليه البشر في هذا العصر، ولكننا تفاجئنا أن المسؤولين عندنا لم يتغيروا لا "جسديا" ولا "فكرياً"، لأن "تفكيرهم" الذي صيغ في قوالب "التخلف" السابقة، "تكلس" واندمج مع أجسادهم، حتى أصبح من المستحيل الفصل بينهما..
ما يحدث الآن في "صيانة" الحمامات والمراحيض بالشركة، لا يقره عقلٌ ولا منطق "سوي"..
موضوعنا هذا سببه أن "المقاول" الذي يقوم بالصيانة، يقوم "الآن" بشق مجاري جديدة بدل الأصلية، والحجة التي يسوقها المسؤولون أن خط أنابيب التصريف الأصلي، توجد به عوائق وأنه تعرض للإنسداد عدة مرات، والحل "السهل" الذي طلبوه من المقاول هو شق خط أنابيب تصريف جديد..
يا أيها الناس..
بطريقة تفكيركم هذه ستدمرون الشركة، نحمد الله تعالى أنه لم يوليكم أمر هذا "الكون"، إذاً لخرب وفسد وأصبح أطلالاً تغرد فيها "البوم" وتنعق فيه "الغربان"..
يا أصحاب الياقات البيضاء، أيها "المتأففون" حتى عن دخول المصانع، أيها "المتعالون" "المترفعون" عن الخلق، يا من تعيشون في "الفندق الإداري"، حيث الماء والخضرة والوجه الحسن، قليلاً من الحكمة والتفكير، حاولوا أن تبتعدوا أو "تُبعدوا" عنكم العقلية "التخريبية" المدفونة البالية..
لماذا لا تلزمون المقاول بإصلاح خط أنابيب التصريف الأصلي؟؟..
لماذا تريدوننا أن نعيش في التخلف، وأن نظل إلى أبد الآبدين نعيش خارج المنظومة الكونية؟؟..
لماذا تدفنون رؤوسكم في الرمال، ولماذا لا تواجهون كالرجال؟؟..
ما جدوى الدورات التدريبية التي تقيمها الشركة، إذا كانت نتائجها هذه العقليات المتخلفة المتكلسة؟؟.
بل ما جدوى مؤهلاتكم "الرفيعة العالية" إذا لم تتبنوا بديهيات التفكير المنطقي السليم، ولم تتفاعلوا مع الحياة العصرية؟؟..
متى ستخلعون عنكم رداء "اللامبالاة" بالعاملين و"الاستهانة" بظروف حياتهم وبيئتهم العملية؟؟.
انزلوا إلى أرض الواقع، وقارنوا بين ما أنتم فيه، وبين ما يعانيه ويقاسيه العاملون حتى في "قضاء حاجتهم" البشرية.!!!..
والله العظيم.. لقد تألمنا عندما شاهدنا شق الرصيف الخرساني، وتمثل لنا "جُرحاً" نازفاً في جسدِ هذه الشركة "المسكينة" التي وقعت تحت سيطرة قومٍ لا رحمة ولا شفقة في قلوبهم، ولا إحساس في مشاعرهم..
هذا "الجرح" الدامي في ذلك الرصيف "يلعن" صباح مساء من كان سبباً فيه..
والأدهى من ذلك أنهم خلطوا بين تصريف مياه المراحيض ومياه الأمطار، وشقوا مسارات كـ"المتاهة" لخط التصريف الجديد..
لك الله يا شركة..
ولا حول ولا قوة إلاَّ بالله العليُّ العظيم.
----------------------------------------------
ملاحظة: استبعدنا عرض الصور التي تخدش الذوق البشري..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق